وأما الجراد    : فلا خلاف بين العلماء في جواز أكله ، وقد ثبت في " الصحيحين " من حديث  عبد الله بن أبي أوفى  ، أنه قال : " غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل الجراد   " . اهـ . 
وميتة الجراد من غير ذكاة  حلال عند جماهير العلماء ; لحديث " أحلت لنا ميتتان ودمان   " الحديث . 
وخالف مالك  الجمهور ، فاشترط في جواز أكله ذكاته ، وذكاته عنده ما يموت به بقصد الذكاة ، وهو معنى قول خليل بن إسحاق المالكي  في " مختصره " : وافتقر نحو الجراد لها بما يموت به ، ولو لم يعجل كقطع جناح . 
واحتج له المالكية بعدم ثبوت حديث  ابن عمر  المذكور : " أحلت لنا ميتتان   " ، الحديث ; لأن طرقه لا تخلو من ضعف في الإسناد ، أو وقف ، والأصل الاحتياج إلى الذكاة ; لعموم : حرمت عليكم الميتة    [ 5 \ 3 ] ، وقال ابن كثير  في تفسير سورة المائدة ما نصه : " وقد قال  أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي    : حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن   [ ص: 539 ] أسلم  ، عن أبيه ، عن  ابن عمر  مرفوعا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالسمك والجراد ، وأما الدمان : فالكبد والطحال   " ، وكذا رواه  أحمد بن حنبل  ،  وابن ماجه  ،  والدارقطني  ، والبيهقي  من حديث  عبد الرحمن بن زيد بن أسلم  ، وهو ضعيف . 
قال  الحافظ البيهقي    : ورواه  إسماعيل بن أبي إدريس  عن أسامة  ، وعبد الله  ،  وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم  ، عن  ابن عمر  مرفوعا ، قلت : وثلاثتهم كلهم ضعفاء ، ولكن بعضهم أصلح من بعض ، وقد رواه  سليمان بن بلال  أحد الأثبات ، عن  زيد بن أسلم  ، عن  ابن عمر  ، فوقفه بعضهم عليه . قال  الحافظ أبو زرعة الرازي    : وهو أصح . اهـ من ابن كثير  ، وهو دليل لما قاله المالكية ، والله تعالى أعلم . 
قال مقيده - عفا الله عنه : لكن للمخالف أن يقول : إن الرواية الموقوفة على  ابن عمر  من طريق  سليمان بن بلال  ، عن  زيد بن أسلم  عنه صحيحة ، ولها حكم الرفع ; لأن قول الصحابي : أحل لنا ، أو حرم علينا ، له حكم الرفع    ; لأنه من المعلوم أنهم لا يحل لهم ، ولا يحرم عليهم ، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقرر في علوم الحديث ، وأشار النووي  في " شرح المهذب " إلى أن الرواية الصحيحة الموقوفة على  ابن عمر  لها حكم الرفع ، كما ذكرنا وهو واضح ، وهو دليل لا لبس فيه على إباحة ميتة الجراد من غير ذكاة . 
والمالكية قالوا : لم يصح الحديث مرفوعا ، وميتة الجراد داخلة في عموم قوله : حرمت عليكم الميتة  الآية [ 5 \ 3 ] ، وافتقار الجراد إلى الذكاة بما يموت به ، كقطع رأسه بنية الذكاة ، أو صلقه ، أو قليه . 
كذلك رواية أيضا عن الإمام أحمد  ، نقلها عنه النووي  في " شرح مسلم    " و " شرح المهذب " ، والله تعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					