قوله تعالى : فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة  ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أن الأمم التي بعث فيها الرسل بالتوحيد منهم سعيد ، ومنهم شقي    . فالسعيد منهم : يهديه الله إلى اتباع ما جاءت به الرسل ، والشقي منهم : يسبق عليه الكتاب فيكذب الرسل ، ويكفر بما جاءوا به . فالدعوة إلى دين الحق عامة ، والتوفيق للهدى خاص ; كما قال تعالى : والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم    [ 10 \ 25 ] ، فقوله : فمنهم [ 16 \ 36 ] ، أي : من الأمم المذكورة في قوله : في كل أمة رسولا  ، وقوله : من هدى الله  ، أي : وفقه لاتباع ما جاءت به الرسل . والضمير المنصوب الذي هو رابط الصلة بالموصول محذوف ، أي : فمنهم من هداه الله . على حد قوله في الخلاصة : 
والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب . 
وقوله : ومنهم من حقت عليه الضلالة    [ 16 \ 36 ] ، أي : وجبت عليه ولزمته ; لما سبق في علم الله من أنه يصير إلى الشقاوة . والمراد بالضلالة : الذهاب عن طريق الإسلام إلى الكفر . 
وقد بين تعالى هذا المعنى في آيات أخر ; كقوله : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن    [ 64 \ 2 ] ، وقوله : فمنهم شقي وسعيد    [ 11 \ 105 ] ، وقوله : فريق في الجنة وفريق في السعير    [ 42 \ 78 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					