ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين   ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا متعلق بقوله : ولقد نصركم الله ببدر  وبعض آخر إلى أنه من الكلام في وقعة أحد  المقصودة بالذات ، فإن ذكر النصر ببدر  إنما جاء استطرادا ; ولذلك أنكروا أن يكون ذكر الملائكة الثلاثة الآلاف والخمسة الآلاف متعلقا به - وهذا هو المختار عندنا ; أي إنه فعل ما فعل ليقطع طرفا ، أو وما النصر إلا من عنده ليقطع طرفا . ومعنى قطع الطرف منهم إهلاك طائفة منهم ، يقال : " قطع دابر القوم " إذا هلكوا ، وقد نطق به التنزيل ، وعبر عن   [ ص: 96 ] الطائفة بالطرف لأنهم الأقرب إلى المسلمين من الوسط ، أو أراد بهم الأشراف منهم - كذا قيل - والمتبادر الأول لا لأنه من باب قاتلوا الذين يلونكم    [ 9 : 123 ] كما قيل ، بل لأن الطرف هو أول ما يوصل إليه من الجيش ، وقد أهلك الله من المشركين يوم أحد  طائفة في أول الحرب ، روى  ابن جرير  عن  السدي  أنه قال : ذكر الله قتلى المشركين - يعني بأحد    - وكانوا ثمانية عشر رجلا فقال : ليقطع طرفا من الذين كفروا  إلخ . ونقول : قد ذكر غير واحد من أهل السير أن قتلى المشركين يوم أحد  كانوا ثمانية عشر رجلا ، ورد عليهم آخرون بأن حمزة  وحده قتل نحوا من ثلاثين ، وصرح بعضهم بأن سبب غلط من قال ذلك القول هو ما روي أن بعض المسلمين أراد عد قتلى المشركين فعد ثمانية عشر ، وصرح بعضهم بأن سبب ذلك أن المشركين أخذوا قتلاهم أو دفنوهم لئلا يمثل بهم المسلمون بعد المعركة كما مثلوا هم بالمسلمين عندما أصابوا الغرة منهم ، وهذا هو المعقول . وانتظر أيها القارئ قوله - تعالى - : أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها    [ 9 : 165 ] الآية . 
وأما قوله : أو يكبتهم  فقد فسروه بأقوال : منها أن معناه يخزيهم ، ومنها أن معناه يصرعهم لوجوههم وفي الأساس : كبت الله عدوه : أكبه وأهلكه ، ولكن صاحب الأساس فسر الكلمة في الكشاف بقوله : " ليخزيهم ، ويغيظهم بالهزيمة " . وقال الراغب    : الكبت : الرد بعنف وتذليل . وقال البيضاوي    : " أو يخزيهم . والكبت شدة الغيظ أو وهن يقع في القلب " وكل هذه المعاني وردت في كتب اللغة ، وصرح البيضاوي  بأن ( أو ) هنا للتنويع لا للترديد ، والمعنى : أنه يقطع طرفا وطائفة ويكبت طائفة أخرى ، أي ويتوب على طائفة ويعذب طائفة كما في الآية الآتية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					