فصل  
وقد يقع  التعارض بين الآية والحديث ،   ولا بأس بذكر شيء للتنبيه لأمثاله ; فمنه قوله تعالى :  والله يعصمك من الناس      ( المائدة : 67 ) وقد صح أنه شج يوم أحد .  
 [ ص: 194 ] وأجيب بوجهين :  
أحدهما : أن هذا كان قبل نزول هذه الآية ; لأن غزوة أحد كانت سنة ثلاث من الهجرة ، وسورة المائدة من أواخر ما نزل  بالمدينة      .  
والثاني : بتقدير تسليم الأخير ، فالمراد العصمة من القتل . وفيه تنبيه على أنه يجب عليه أن يحتمل كل ما دون النفس من أنواع البلاء ، فما أشد تكليف الأنبياء .  
ومنه قوله تعالى :  ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون      ( النحل : 32 ) مع قوله صلى الله عليه وسلم :  لن يدخل أحدكم الجنة بعمله     .  
وأجيب بوجهين :  
أحدهما - ونقل عن  سفيان  وغيره - كانوا يقولون : النجاة من النار بعفو الله ، ودخول الجنة برحمته ، وانقسام المنازل والدرجات بالأعمال ، ويدل له حديث   أبي هريرة     :  إن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم     . رواه  الترمذي     .  
والثاني : أن الباء في الموضعين مدلولها مختلف ، ففي الآية باء المقابلة ، وهي الداخلة على الأعواض ; وفي الحديث للسببية ; لأن المعطي بعوض قد يعطي مجانا ، وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب . ومنهم من عكس هذا الجواب وقال : الباء في الآية للسببية ، وفي الحديث للعوض ، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :  سددوا وقاربوا واعلموا أن أحدا      [ ص: 195 ] منكم لن ينجو بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته  ، ومنه قوله تعالى مخبرا عن خلق السماوات والأرض وما بينهما :  في ستة أيام      ( الفرقان : 59 ) ، فإنه يقتضي أن يكون يوما من أيام الجمعة بقي لم يخلق فيه شيء . والظاهر من الأحاديث الصحاح أن الخلق ابتدئ يوم الأحد وخلق  آدم   يوم الجمعة آخر الأشياء ، فهذا يستقيم مع الآية الشريفة ; ووقع في صحيح  مسلم  أن الخلق ابتدئ يوم السبت ، فهذا بخلاف الآية ; اللهم إلا أن يكون أراد في الآية . . . . . . .      [ ص: 196 ] الشريفة جميع الأشياء غير  آدم ،   ثم يكون يوم الجمعة هو الذي لم يخلق فيه شيء مما بين السماء والأرض ، لأن  آدم   حينئذ لم يكن فيما بينهما .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					