وفي الاستفهام فوائد      :  
الأولى : قال بعض الأئمة : ما جاء على لفظ الاستفهام في القرآن ، فإنما يقع في خطاب الله - تعالى - على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل ، فيستفهم عنه نفسه تخبره به ، إذ قد وضعه الله عندها ، فالإثبات كقوله - تعالى - :  ومن أصدق من الله حديثا      ( النساء : 87 ) والنفي كقوله - تعالى - :  هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا      ( الإنسان : 1 ) ،  فهل أنتم مسلمون      ( هود : 14 ) ومعنى ذلك أنه قد حصل لكم العلم بذلك ، تجدونه عندكم إذا استفهمتم أنفسكم عنه ، فإن الرب - تعالى - لا يستفهم خلقه عن شيء ، وإنما يستفهمهم ليقررهم ويذكرهم أنهم قد علموا حق ذلك الشيء ، فهذا أسلوب بديع انفرد به خطاب القرآن ، وهو في كلام البشر مختلف .  
 [ ص: 434 ] الثانية :  الاستفهام إذا بني عليه أمر قبل ذكر الجواب   فهم ترتب ذلك الأمر على جوابه أي جواب كان ؛ لأن سبقه على الجواب يشعر بأن ذلك حال من يذكر في الجواب ؛ لئلا يكون إيراده قبله عبثا ، فيفيد حينئذ تعميما ، نحو : " من جاءك فأكرمه " بالنصب ، فإنه لما قال قبل ذكر جواب الاستفهام : أكرمه ، علم أنه يكرم من يقول المجيب : إنه جاء ، أي جاء كان ، وكذا حكم " من ذا جاءك أكرمه " ، بالجزم .  
الثالثة : قد يخرج الاستفهام عن حقيقته ؛ بأن يقع ممن يعلم ويستغني عن طلب الإفهام .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					