[ ص: 485 ] الأسلوب الأول :  التأكيد  
 والقصد منه الحمل على ما لم يقع ، ليصير واقعا ، ولهذا لا يجوز تأكيد الماضي ولا الحاضر ، لئلا يلزم تحصيل الحاصل ؛ وإنما يؤكد المستقبل ، وفيه مسائل :  
الأولى : جمهور الأمة على وقوعه في القرآن والسنة . وقال قوم : ليس فيهما تأكيد ولا في اللغة ؛ بل لا بد أن يفيد معنى زائدا على الأول . واعترض الملحدون على القرآن والسنة بما فيهما من التأكيدات ، وأنه لا فائدة في ذكرها ، وأن من حق البلاغة في النظم إيجاز اللفظ واستيفاء المعنى ، وخير الكلام ما قل ودل ولا يمل ، والإفادة خير من الإعادة ، وظنوا أنه إنما يجيء لقصور النفس عن تأدية المراد بغير تأكيد ، ولهذا أنكروا وقوعه في القرآن .  
وأجاب الأصحاب بأن القرآن نزل على لسان القوم وفي لسانهم التأكيد والتكرار ، وخطابه أكثر ؛ بل هو عندهم معدود في الفصاحة والبراعة ، ومن أنكر وجوده في اللغة فهو مكابر ، إذ لولا وجوده لم يكن لتسميته تأكيدا فائدة ، فإن الاسم لا يوضع إلا لمسمى معلوم لا فائدة فيه ، بل فوائد كثيرة كما سنبينه .  
الثانية : حيث وقع فهو حقيقة ، وزعم قوم أنه مجاز ؛ لأنه لا يفيد إلا ما أفاده المذكور الأول ، حكاه   الطرطوشي  في " العمد " ثم قال :  ومن سمى التأكيد مجازا   ؟ فيقال له : إذا كان التأكيد بلفظ الأول ، نحو عجل عجل ونحوه ، فإن جاز أن يكون الثاني مجازا جاز في الأول لأنهما في لفظ واحد ، وإذا بطل حمل الأول على المجاز بطل حمل الثاني عليه ؛ لأنه قبل الأول .  
الثالثة : أنه خلاف الأصل ؛ فلا يحمل اللفظ على التأكيد إلا عند تعذر حمله على مدة محددة .  
 [ ص: 486 ] الرابعة : يكتفي في تلك بأي معنى كان وشرط . وما قاله ضعيف ؛ لأن المفهوم من دلالة اللفظ ليس من باب الألفاظ حتى يحذو به حذو الألفاظ .  
الخامسة : في تقسيمه : وهو صناعي - يتعلق باصطلاح النحاة - ومعنوي ، وأقسامه كثيرة ، فلنذكر ما تيسر منها .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					