[ ص: 418 ] قال تعالى : (  فوسوس لهما الشيطان   ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين      ) ( 20 ) .  
قوله تعالى : (  من سوآتهما      ) : الجمهور على تحقيق الهمزة . ويقرأ بواو مفتوحة ، وحذف الهمزة ، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الواو ، ويقرأ بتشديد الواو من غير همز ، وذلك على إبدال الهمزة واوا . ويقرأ " سوأتهما " على التوحيد ، وهو جنس . (  إلا أن تكونا      ) : أي إلا مخافة أن تكونا ، فهو مفعول من أجله . (  ملكين      ) : بفتح اللام وكسرها ، والمعنى مفهوم .  
قال تعالى : (  وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين       ) ( 21 ) .  
قوله تعالى : (  لكما لمن الناصحين      ) : هو مثل قوله : (  وإنه في الآخرة لمن الصالحين      ) [ البقرة : 130 ] . وقد ذكر في البقرة .  
قال تعالى : (  فدلاهما بغرور   فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين      ) ( 22 ) .  
قوله تعالى : (  فدلاهما بغرور      ) : الألف بدل من ياء مبدلة من لام ، والأصل دللهما من الدلالة ، لا من الدلال ، وجاز إبدال اللام لما صار في الكلمة ثلاث لامات .  
(  بغرور      ) : يجوز أن تتعلق الباء بهذا الفعل ، ويجوز أن تكون في موضع الحال من الضمير المنصوب ؛ أي : وهما مغتران .  
قوله تعالى : (  وطفقا      ) : في حكم كاد ، ومعناها الأخذ في الفعل .  
و (  يخصفان      ) : ماضيه خصف ، وهو متعد إلى مفعول واحد ، والتقدير : شيئا " من ورق الجنة " .  
وقرئ بضم الياء ، وكسر الصاد مخففا ، وماضيه أخصف ، وبالهمزة يتعدى إلى اثنين ، والتقدير : يخصفان أنفسهما .  
ويقرأ بفتح الياء ، وتشديد الصاد ، وكسرها مع فتح الخاء وكسرها مع فتح الياء وكسرها ، وقد ذكر تعليل ذلك في قوله : (  يخطف أبصارهم      ) [ البقرة : 20 ] .  
 [ ص: 419 ]    (  عن تلكما      ) : وقد ذكرنا أصل " تلك " . والإشارة إلى الشجرة ، وهي واحدة ، والمخاطب اثنان ، فلذلك ثنى حرف الخطاب .  
قال تعالى : (  قال فيها تحيون وفيها تموتون   ومنها تخرجون      ) ( 25 ) .  
قوله تعالى : (  ومنها تخرجون      ) : الواو في الأصل تعطف هذه الأفعال بعضها على بعض ، ولكن فصل بينهما بالظرف ؛ لأنه عطف جملة على جملة .  
وتخرجون بضم التاء وفتحها ، والمعنى فيها مفهوم .  
قال تعالى : (  يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا   ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون      ) ( 26 ) .  
قوله تعالى : (  وريشا      ) : هو جمع ريشة ، ويقرأ رياشا ، وفيه وجهان : أحدهما : هو جمع ، واحده ريش ، مثل ريح ورياح . والثاني : أنه اسم للجمع مثل اللباس . (  ولباس التقوى      ) : يقرأ بالنصب عطفا على ريشا ، فإن قيل : كيف ينزل اللباس والريش ، قيل : لما كان الريش واللباس ينبتان بالمطر ، والمطر ينزل ، جعل ما هو المسبب بمنزلة السبب ، ويقرأ بالرفع على الابتداء . و ( ذلك ) : مبتدأ ، و ( خير ) : خبره ، والجملة خبر لباس ، ويجوز أن يكون ذلك نعتا للباس ؛ أي : المذكور والمشار إليه ، وأن يكون بدلا منه ، أو عطف بيان ، وخير الخبر . وقيل : لباس التقوى خبر مبتدأ محذوف تقديره : وساتر عوراتكم لباس التقوى ، أو على العكس ؛ أي : ولباس التقوى ساتر عوراتكم ، وفي الكلام حذف      [ ص: 420 ] مضاف ؛ أي : ولباس أهل التقوى ، وقيل المعنى : ولباس الاتقاء الذي يتقى به النظر ، فلا حذف إذا .  
قال تعالى : (  يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان   كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون      ) ( 27 ) .  
قوله تعالى : (  لا يفتننكم      ) : النهي في اللفظ للشيطان ، والمعنى لا تتبعوا الشيطان فيفتنكم . (  كما أخرج      ) : أي فتنة كفتنة أبويكم بالإخراج . (  ينزع عنهما      ) : الجملة في موضع الحال إن شئت من ضمير الفاعل في أخرج ، وإن شئت من الأبوين ؛ لأن فيه ضميرين لهما ، وينزع حكاية أمر قد وقع ؛ لأن نزع اللباس عنهما كان قبل الإخراج . فإن قيل : الشيطان لم ينزع عنهما اللباس ، قيل : لكنه تسبب فنسب الإخراج والنزع إليه . (  هو وقبيله      ) : هو توكيد لضمير الفاعل ليحسن العطف عليه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					