19914  ( وأخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ  ، ثنا  أبو العباس محمد بن يعقوب  ، ثنا  محمد بن إسحاق الصغاني  ، ثنا  ابن كناسة  ، ثنا جعفر بن برقان  عن معمر البصري  ، عن أبي العوام البصري  قال : كتب عمر  إلى  أبي موسى الأشعري   - رضي الله عنهما - أن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك ؛ فإنه لا ينفع تكلم حق لا نفاذ له ، وآس بين الناس في وجهك ، ومجلسك ، وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك ، البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر  ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما ، أو حرم حلالا  ، ومن ادعى حقا غائبا ، أو بينة فاضرب له أمدا ينتهى إليه ، فإن جاء ببينة أعطيته بحقه ، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية ؛ فإن ذلك أبلغ في العذر ، وأجلى للعمى ، ولا يمنعك من قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك ، وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق ؛ لأن الحق قديم لا يبطل الحق شيء ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشهادة إلا مجلود في حد ، أو مجرب عليه شهادة الزور ، أو ظنين في ولاء ، أو قرابة فإن الله - عز وجل - تولى من العباد السرائر ، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات ، والأيمان ، ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ليس في قرآن ولا سنة ، ثم قايس الأمور عند ذلك ، واعرف الأمثال والأشباه ، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى وأشبهها بالحق ، وإياك والغضب ، والقلق ، والضجر ، والتأذي بالناس عند الخصومة ، والتنكر ؛ فإن القضاء في مواطن الحق يوجب الله له الأجر ، ويحسن به الذخر فمن خلصت نيته في الحق ولو كان على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزين لهم بما ليس في قلبه شانه الله ؛ فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصا وما ظنك بثواب غير الله في عاجل رزقه ، وخزائن رحمته  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					