[ حديث أبي سفيان في قصة هرقل ]  
 [ ص: 344 ]  9724  عبد الرزاق  ، عن  معمر  ، عن   الزهري  قال : أخبرني   عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود  ، عن   ابن عباس  قال : حدثني  أبو سفيان  ، من فيه إلى في قال :  انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى  هرقل  قال : وكان   دحية الكلبي  جاء به فدفعه إلى عظيم  بصرى   ، فدفعه عظيم  بصرى   إلى  هرقل  فقال  هرقل     : أهاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي قالوا : نعم قال : فدعيت في نفر من  قريش   ، فدخلنا على  هرقل  فجلسنا إليه فقال :  أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟   قال  أبو سفيان     : قلت : أنا ، فأجلسوني بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا بترجمانه فقال : قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه ، قال  أبو سفيان     : وايم الله لولا أن يؤثر علي الكذب لكذبت ، ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قال : قلت : هو فينا ذو حسب قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قال : قلت : لا قال : فهل [ كنتم ] تتهمونه بالكذب قبل أن يقوله ؟ قال : قلت : لا ، قال :      [ ص: 345 ] فمن اتبعه ؟ أشرافكم أم ضعفاؤكم ؟ قلت : بل ضعفاؤنا قال : هل يزيدون أم ينقصون ؟ قال : قلت : لا بل يزيدون قال : هل يرتد أحد عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قلت : لا قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم قال : فكيف يكون قتالكم إياه ؟ قال : قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ، ونصيب منه قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا ، ونحن منه في هدنة لا ندري ما هو صانع فيها قال : فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها غير هذه قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قلت : لا قال لترجمانه : قل له إني سألتكم عن حسبه فقلت : إنه فينا ذو حسب ، وكذلك  الرسل تبعث في أحساب قومها   ، وسألتك هل كان في آبائه ملك ؟ [ فزعمت أن : لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك ] قلت رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشداؤهم ؟ قال : فقلت : بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن : لا ، فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ فزعمت أن : لا ، وكذلك  الإيمان إذا خالط  بشاشة  القلوب   ، وسألتك : هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك      [ ص: 346 ] الإيمان لا يزال إلى أن يتم   ، وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه ، فيكون الحرب بينكم وبينه سجالا ، ينال منكم وتنالون منه [ وكذلك  الرسل تبتلى   ، ثم تكون لهم العاقبة ، وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه لا يغدر ] وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك هل قال أحد هذا القول قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان هذا القول [ قاله ] أحد قبله قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله قال : بم يأمركم ؟ قلت : يأمرنا بالصلاة ، والزكاة ، والعفاف ، والصلة قال : إن يك ما تقوله حقا فإنه نبي ، وإني كنت أعلم أنه لخارج ، ولم أكن أظنه منكم ، ولو كنت أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت [ عن ] قدميه ، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأه ، فإذا فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى  هرقل  عظيم  الروم   ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله إلى قوله  اشهدوا بأنا مسلمون    [ ص: 347 ] فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا قال : فقلت لأصحابي حين خرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي  كبشة ،  حتى أدخل الله علي الإسلام قال الزهري : فدعا  هرقل  عظماء الروم فجمعهم في دار له فقال : يا معشر الروم هل لكم إلى الفلاح والرشد آخر الأبد ؟ وأن يثبت لكم ملككم ؟ قال : فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت قال : فدعاهم فقال : إني اختبرت شدتكم على دينكم فقد رأيت منكم الذي أحببت فسجدوا له ورضوا عنه     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					