وحكاه ابن عبد البر أيضا ، وقيل : قبل الأربعين في خلافة علي ، قاله خليفة ، وبه صدر ابن عبد البر كلامه ، وقيل : في سنة أربعين . قاله الهيثم والمدايني والزمن وابن قانع ، ونحوه قول ابن حبان : مات أيام قتل علي ، بل اختلف في مبلغ سنه أيضا ، فقيل : مائة وأربع سنين . وبه جزم ابن أبي خيثمة عن المدايني ، وكذا قال ابن حبان ، وقال ابن البرقي : مائة وعشرون أو نحوها . كما أنه اختلف في سنة وفاة ثانيهما ، فقيل : سنة خمسين . وقيل : ثمان وخمسين . وقيل ـ وهو للبخاري ـ : سنة ستين ، وعلى كل حال فالتحديد بالستين في الزمنين لكل منهما فيه نظر ، أما حسان ; فلأنه روي أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان ابن ستين سنة ، وهو غير ملتئم بذلك مع كل من الأقوال في وفاته ; لأنه على القول بأنها سنة أربعين يكون قد بلغ مائة أو دونها ، أو سنة خمسين يكون بلغ مائة وعشرة ، أو سنة أربع وخمسين يكون بلغ مائة وأربع عشرة ، وهو أقربها ; فإنه [ ص: 331 ] يتمشى على طريقة جبر الكسر ، ويستأنس له بقول ابن البرقي كما تقدم وهو ابن عشرين ومائة سنة أو نحوها ، وأما حكيم ; فلأنه كان مولده ، كما رواه موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير عنه قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة ، وحكى الواقدي نحوه ، وزاد : وذلك قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين ، وكان كما حكاه الزبير بن بكار في جوف الكعبة ، وهو غير ملتئم أيضا بذلك تحديدا مع أقوال وفاته كما لا يخفى ، وتحديد أن مولده قبل النبي صلى الله عليه وسلم بخمس لا يلتئم مع كونه قبل الفيل بثلاث عشرة مع القول بأن مولده الشريف عام الفيل .
( وفوق حسان ) بالتنوين للضرورة ، المذكور أولا من آبائه ثلاثة في نسق ، وهم أبوه ثابت وأبوه المنذر وأبوه حرام ، ( كذا عاشوا ) أي : مائة وعشرين كما أورده ابن سعد عن حفيد حسان سعيد بن عبد الرحمن ، وفي آخره قال : كان عبد الرحمن ولد حسان إذا ذكر هذا استلقى على فراشه ، وضحك وتمدد كأنه لسروره يأمل حياته كذلك ، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة ، لكن قد روينا في الزهد للبيهقي من طريق ابن إسحاق عن سعيد فقال : إن كلا من الأربعة عاش مائة وأربع سنين . قال سعيد : وكان عبد الرحمن إذا حدثنا هذا الحديث أشرأب لهذا وثنى رجليه ، على مثلها ، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة . وكأن هذا هو سلف ابن حبان في اقتصاره على هذا القدر في أسنانهم ، ثم قال : وقد قيل : لكل [ ص: 332 ] واحد منهم عشرون ومائة سنة ، ولم يحك ابن الصلاح غيره ، قال أبو نعيم الأصبهاني : ( وما لغيرهم ) أي : الأربعة من العرب ، ( يعرف ) مثل ( ذا ) متواليا .
( قلت ) : لكن في الصحابة ( حويطب ) بمهملتين ، الثانية مكسورة ، مصغر ( ابن عبد العزى ) العامري ( مع ابن يربوع ) كينبوع ، ( سعيد يعزى ) أي : ينسب ( هذان مع ) بإسكان العين ، ( حمنن ) بفتح المهملة ثم ميم ساكنة بعدها نون مفتوحة ثم أخرى بدون تنوين للضرورة كما للزبير في النسب والأمير وغيرهما وهو المعتمد ، وضبطه الوزير المغربي : بزاء بدلها وقال : هو مشتق من الحمرة وهي الصعوبة ، وقال : ونونه زائدة ، ابن عوف أخي عبد الرحمن بن عوف ( و ) مع مخرمة ( ابن نوفل ) والد المسور ( كل ) من هؤلاء الأربعة وهم قرشيون ( إلى وصف ) حسان و ( حكيم ) في كون كل منهم صحابيا ، وعاش مائة وعشرين سنة ، نصفها في الجاهلية ، ونصفها في الإسلام ، كما رواه الواقدي في أولهم عن إبراهيم بن جعفر بن محمود عن أبيه ، وبه جزم ابن حبان ، ونحوه قول ابن عبد البر : أدركه الإسلام وهو ابن ستين أو نحوها ، وكما قاله الواقدي وخليفة وابن حبان في ثانيهم ، وكما قاله الزبير والدارقطني وابن عبد البر في ثالثهم ، وأنه بعد إسلامه لم يهاجر إلى المدينة ، وكما قاله في الرابع الواقدي فقال : يقال : إنه كان له حين مات مائة وعشرون [ ص: 333 ] سنة . وبه جزم أبو زكريا ابن منده في جزء له سمعته فيمن عاش هذه المدة من الصحابة ( فاجمل ) عددهم ستة ، غير أن مدة الزمنين ليست في الأولين من هؤلاء الأربعة ، وكذا الأخير على السواء ; لأن وفاتهم كانت في سنة أربع وخمسين ، وإسلامهم كان في فتح مكة ، فسواء اعتبرنا زمن الإسلام به أو بالهجرة أو البعثة ، لا يلتئم التحديد بذلك ; ولذا قيل في ثانيهم أيضا : إنه بلغ مائة وأربعا وعشرين سنة . وبه صدر ابن عبد البر كلامه .
وممن قال بوفاة الأربعة في سنة أربع ابن حبان ، وبها في الأول والثالث فقط الهيثم وابن قانع ، وفي الأولين فقط خليفة وأبو عبيد القاسم وابن عبد البر ، وفي الأول فقط الزمن ويحيى بن بكير ، وفي الثاني فقط الواقدي ، وفي الثالث فقط ابن نمير والمدايني ولم نجد عن أحد خلافه فيهم إلا الأول ، فقيل فيه أيضا : إنها في سنة اثنتين وخمسين ، وكانت وفاتهم بالمدينة إلا الثالث فبمكة ، بل قيل في الثاني أيضا : إنه توفي بها ، وكذا قيل في نوفل بن معاوية الديلي : إنه عاش في الجاهلية ستين وفي الإسلام ستين ، وممن جزم بذلك الواقدي ثم ابن عبد البر ، وكانت وفاته بالمدينة في خلافة معاوية .
( وفي الصحاب ) بالفتح والكسر ، جمع صاحب كما تقدم في كتابة الحديث ، ( ستة ) أيضا ( قد عمروا ) هذا السن ، ولكن لم يعلم كون نصفه في الجاهلية ونصفه في الإسلام ; لتقدم وفاتهم على المذكورين أو تأخرها أو لعدم معرفة تاريخها ، ذكره إلا الثالث أبو زكريا بن منده في الجزء المشار إليه ، وهم سعد بن [ ص: 334 ] جنادة العوفي الأنصاري والد عطية ، ذكره أبو عبد الله بن منده في الصحابة ، ولكن لم يذكر عمره ، وعاصم بن عدي بن الجد العجلاني صاحب عويمر العجلاني في قصة اللعان ، حكى ابن عبد البر ، عن عبد العزيز بن عمران ، عن أبيه ، عن جده عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، أنه عاش مائة وعشرين سنة ، وكذا ذكر أبو زكريا ، وأما ابن عبد البر فقال : إنه توفي سنة خمس وأربعين وقد بلغ قريبا من عشرين ومائة سنة ، وقال الواقدي وابن حبان : إنه بلغ مائة وخمس عشرة سنة ، وعدي بن حاتم الطائي توفي سنة ثمان وستين عن مائة وعشرين سنة ، قال ابن سعد وخليفة ، وقيل : سنة ست . وقيل : سبع وستين . واللجلاج العامري ذكر ابن سميع وابن حبان أنه عاش مائة وعشرين سنة ، وكذا حكاه ابن عبد البر عن بعض بني اللجلاج ، والمنتجع جد ناجية ، ذكره العسكري في الصحابة ، وقال : كان له مائة وعشرون سنة ، ولا يصح حديثه ، ونافع أبو سليمان العبدي ، روى إسحاق ابن راهويه عن ولده سليمان قال : مات أبي وله عشرون ومائة سنة ، وكذا ذكر ابن قانع ، ( كذاك في المعمرين ذكروا ) ، بل نظمهم البرهان الحلبي في بيت فقال :
منتجع ونافع مع عاصم وسعد لجلاج مع ابن حاتم قال : وإن شئت قلت وهو أحسن وسعد اللجلاج وابن حاتم .
[ ص: 335 ] وفي المعمرين جماعة من الصحابة ممن زاد سنهم على القدر المذكور ، منهم سلمان الفارسي ، فروى أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين من طريق العباس بن يزيد ، قال : أهل العلم يقولون : إنه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة . فأما مائتين وخمسين فلا يشكون فيها ، وقال الذهبي : وجدت الأقوال في سنه كلها دالة على أنه جاوز المائتين وخمسين ، والاختلاف إنما هو في الزائد ، قال : ثم رجعت عن ذلك وظهر لي أنه ما زاد على الثمانين ، كذا قال : وقردة أو فروة بن نفاثة السلولي ، قال أبو حاتم السجستاني في المعمرين : قالوا : إنه عاش مائة وأربعين سنة ، وأدرك الإسلام فأسلم وكذا رويناه في ( الزهد ) للبيهقي من جهة هشام بن محمد قال : عاش فروة بن نفاثة أربعين ومائة سنة ، وأدرك الإسلام فأسلم وأنشد أبياتا ، والنابغة الجعدي الشاعر الشهير ، قال عمر بن شبة عن أشياخه : إنه عمر مائة وثمانين سنة ، وعن ابن قتيبة أنه مات وله مائتان وعشرون سنة ، وعن الأصمعي أنه عاش مائتين وثلاثين ، وفي المخضرمين الربيع بن ضبع بن وهب الفزاري جاهلي أدرك الإسلام ، ويقال : إنه عاش ثلاثمائة سنة ، منها ستون في الإسلام ، بل يقال : إنه لم يسلم . والمعتمد خلافه ، وأنه قال : عشت مائتي سنة في فترة عيسى ، وستين في الجاهلية ، وستين في الإسلام وهو القائل :
إذا جاء الشتاء فأدفئوني  فإن الشيخ يهدمه الشتاء      وأما حين يذهب كل قر  
فسربال خفيف أو رداء  
[ ص: 336 ] وفي استيفاء ذلك طول .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					