ولما تم أصحاب الكتب ; أصول الإسلام ، أردف  بأئمة انتفع بتصانيفهم   مع ما أضيف إليهم من نمطهم ( ثم لـ ) مضي ( خمس وثمانين ) عاما من القرن الرابع ( تفي ) بدون نقص ، وذلك في يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي القعدة مات (   الدارقطني     ) بفتح الراء وإسكان آخره ، نسبة  لدار القطن   ، وكانت محلة كبيرة  ببغداد   ، البغدادي   الشافعي  ، وهو الحافظ الفقيه   أبو الحسن علي بن عمر  صاحب السنن والعلل وغيرهما ، أرخه  عبد العزيز الأزجي  ودفن قريبا من قبر   معروف الكرخي  ، ومولده كما قاله   عبد الملك بن بشران     : في سنة ست وثلاثمائة زاد غيره : في ذي القعدة أيضا ، فعاش تسعا وسبعين سنة .  
( ثمت ) أي : ثم ، لغة فيها ، الحافظ (   الحاكم ) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري  المعروف   بابن البيع  صاحب ( المستدرك ) و ( التاريخ ) و ( علوم الحديث ) وغيرها ( في خامس قرن عام خمسة ) تمضي منه أي : سنة خمس وأربعمائة ، ( فني ) أي : مات  بنيسابور ،   فيما قاله  الأزهري  وعبد الغافر  في السياق ،  ومحمد بن يحيى المزكي  ، وزاد في صفر ، ومولده أيضا ،  بنيسابور   في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة .  
 [ ص: 345 ]    ( وبعده ) أي : بعد  الحاكم     ( بأربع ) من السنين مات   الحافظ أبو محمد ( عبد الغني ) بن سعيد بن علي الأزدي المصري  صاحب المؤتلف وغيره ، وذلك لسبع خلون من صفر سنة تسع وأربعمائة فيما قاله   أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي  بمصر   عن سبع وسبعين سنة .  
( فـ ) بعده ( في الثلاثين ) من السنين بعد الأربعمائة أيضا ، وذلك في بكرة يوم الاثنين ، العشرين من المحرم مات الحافظ (   أبو نعيم ) أحمد بن عبد الله الأصبهاني  مؤلف معرفة الصحابة وتاريخ  أصبهان   وعلوم الحديث وغيرها فيما أرخه   يحيى بن عبد الوهاب بن منده  بها ، وسئل عن مولده فقال : في شهر رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة .  
( ولـ ) مضي ( ثمان ) من السنين مات من طبقة أخرى تلي هذه في الزمن الحافظ الفقيه  أبو بكر أحمد بن الحسين الشافعي ،     ( بيهقي القوم ) أي : الحفاظ وأئمة الشافعية لاحتياجهم لتصانيفه الشهيرة وانتفاعهم بها ، ونسب لبيهق بفتح الموحدة وسكون المثناة التحتانية بعدها هاء مفتوحة ثم قاف ، وهي قرية مجتمعة بنواحي  نيسابور   على عشرين فرسخا منها ، وكانت قصبتها خسروجرد ، ( من بعد ) مضي ( خمسين ) وأربعمائة ، وذلك في عاشر جمادى الأولى من سنة ثمان وخمسين  بنيسابور   ، وحمل تابوته إلى  بيهق ،   قاله  السمعاني  ، قال : وكان مولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة .  
( وبعد ) مضي ( خمسة ) من وفاة الذي قبله مات ( خطيبهم ) أي : الحفاظ والمسلمين ،  الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الشافعي ،     ( و ) كذا      [ ص: 346 ]    (  النمري     ) بفتح النون والميم ، نسبة إلى النمر بكسر الميم ، وهي من شواذ النسب التي تحفظ ، ولا يقاس عليها ، كالنسبة إلى  أمية  بضم الهمزة أموي بفتحها ،  وأبي سلمة  بكسر اللام سلمي بفتحها كما تقدم ،   الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي  المالكي مؤلف ( الاستيعاب ) وجملة ، كلاهما ( في سنة ) واحدة ، وهي كما علمته سنة ثلاث وستين وأربعمائة ،فالخطيب  في ذي الحجة منها  ببغداد ،   أرخه   ابن شافع  ، وزاد غيره في سابعه ، وأن مولده في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وقيل : سنة اثنتين . وهو المحكي عن  الخطيب  نفسه ، والآخر في سلخ شهر ربيع الآخر منها بشاطبة من  الأندلس   عن خمسة وتسعين سنة وخمسة أيام ، فإن مولده فيما حكاه عنه  طاهر بن مفوز  يوم الجمعة والإمام يخطب لخمس بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة .  
قال  ابن كثير     : وقد كان ينبغي   لابن الصلاح  أن يذكر مع هؤلاء جماعة من الحفاظ اشتهرت أيضا تصانيفهم بين الناس ، ولا سيما عند أهل الحديث ;   كأبي بكر البزار   وأبي يعلى الموصلي  وإمام الأئمة   محمد بن إسحاق بن خزيمة  صاحب الصحيح ، وتلميذه   أبي حاتم محمد بن حبان البستي  صاحب الصحيح أيضا ،   والطبراني  صاحب المعاجم الثلاثة وغيرها ،   وأبي أحمد بن عدي  صاحب ( الكامل ) .  
قلت : والظاهر أن   ابن الصلاح  لم يقصد المكثرين خاصة وإنما أراد مع انضمام تصانيف في بعض أنواع علوم الحديث ، اشتهرت وعم الانتفاع بها ،      [ ص: 347 ] وبنحو ذلك يعتذر عن عدم ذكره   لابن ماجه  ، وهو كونه ساذجا عما حرص عليه أصحاب الكتب الخمسة من المقاصد التي بتدبرها يتمرن المحدث خصوصا ، وفيه أحاديث ضعيفة جدا ، بل منكرة ، بل قال الحافظ  المزي  فيما نقل عنه : إن الغالب فيما انفرد به الضعف . ولذا لم يضفه غير واحد  كرزين السرقسطي   وابن الأثير  وغيرهما إلى الخمسة .  
تتمة : يقع في كلامهم : فلان المتوفى ، وأنت في فتح الفاء وكسرها بالخيار ، والكسر موجه بالمتوفي لمدة حياته ، ويشهد له قوله تعالى : (  والذين يتوفون منكم      ) على قراءة علي في فتح الياء ، أي : يستوفون آجالهم ، وإن حكي أن   أبا الأسود الدؤلي  كان مع جنازة فقال له رجل : من المتوفي ؟ بكسر الفاء ، فقال : الله . وإنها كانت أحد الأسباب الباعثة لأمر علي له بالنحو ، فقد قيل يعني على تقدير صحة الحكاية : إنه اقتصر على ما يحتمله فهمه ويتعقله خصوصا ، وهو القائل : حدثوا الناس بما يعرفون .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					