[ ص: 180 ] قالوا حديثان متناقضان .  
13 - خير القرون .  
قالوا : رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره  ثم رويتم :  إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا   وأنه قال :  خير أمتي القرن الذي بعثت فيه   قالوا : وهذا تناقض واختلاف .  
قال  أبو محمد     : ونحن نقول : إنه ليس في ذلك تناقض ولا اختلاف ، لأنه أراد بقوله :  إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا  أن أهل الإسلام حين بدأ قليل ، وهم في آخر الزمان قليل ، إلا أنهم خيار .  
ومما يشهد لهذا ، ما رواه   معاوية بن عمرو  عن  أبي إسحاق  عن   الأوزاعي  عن  يحيى  عن  عروة بن روين  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  خيار أمتي أولها وآخرها وبين ذلك ثبج أعوج ، ليس مني ولست منه  والثبج : الوسط .  
 [ ص: 181 ] وقد جاءت في هذا آثار ، منها : أنه ذكر آخر الزمان فقال :  المتمسك منهم يومئذ بدينه كالقابض على الجمر  ومنها حديث آخر ذكر فيه  أن الشهيد منهم يومئذ كشهيد بدر  ، وفي حديث آخر ،  أنه سئل عن الغرباء فقال : الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي  وأما قوله :  خير أمتي القرن الذي بعثت فيه  فلسنا نشك في أن صحابته خير ممن يكون في آخر الزمان ، وأنه لا يكون لأحد من الناس مثل الفضل الذي أوتوه .  
وإنما قال :  مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره  على التقريب لهم من صحابته ، كما يقال : ما أدري أوجه هذا الثوب أحسن أم مؤخره ؟ ووجهه أفضل ، إلا أنك أردت التقريب منه .  
وكما تقول : ما أدري أوجه هذه المرأة أحسن أم قفاها ؟ ووجهها أحسن ، إلا أنك أردت تقريب ما بينهما في الحسن .  
ومثل هذا قوله في  تهامة      : إنها كبديع العسل ، لا يدرى أوله خير أم آخره . والبديع : الزق . وإذا كان العسل في زق ، ولم يختلف اختلاف اللبن في الوطب فيكون أوله خيرا من آخره ، ولكنه يتقارب فلا يكون لأوله كبير فضل على آخره .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					