25 - 8 - 2 - ( باب ابتداء أمر الأنصار  ، والبيعة على الحرب ) 
 9876 عن عروة  قال : لما حضر الموسم ، حج نفر من الأنصار  من بني مازن بن النجار  ، منهم :  معاذ بن عفراء  ،  وأسعد بن زرارة   . ومن بني زريق   : رافع بن مالك  ، وذكوان بن عبد القيس   . ومن بني عبد الأشهل   :  أبو الهيثم بن التيهان   . ومن بني عمرو بن عوف   :  عويم بن ساعدة   . وأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرهم خبره الذي اصطفاه الله به من نبوته وكرامته ، وقرأ عليهم القرآن ، فلما سمعوا قوله أنصتوا ، واطمأنت أنفسهم إلى دعوته ، وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم إياه بصفته ، وما يدعوهم إليه ، فصدقوه ، وآمنوا به ، وكانوا من أسباب الخير ، ثم قالوا له : قد علمت الذي بين الأوس  والخزرج  من الدماء ، ونحن نحب ما أرشد الله به أمرك ، ونحن - لله ولك - مجتهدون ، وإنا نشير عليك بما ترى ، فامكث على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنخبرهم بشأنك ، وندعوهم إلى الله ورسوله فلعل الله يصلح بيننا ، ويجمع أمرنا ، فإنا اليوم متباعدون متباغضون ، فإن تقدم علينا اليوم ولم نصطلح لم يكن لنا جماعة عليك ، ونحن نواعدك الموسم من العام القابل . فرضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قالوا ، فرجعوا إلى قومهم يدعوهم  [ ص: 41 ] سرا ، وأخبروهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي بعثه الله به ، ودعا عليه بالقرآن حتى قل دار من دور الأنصار  إلا أسلم فيها ناس لا محالة . 
ثم بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن ابعث إلينا رجلا من قبلك يدعو الناس بكتاب الله  ، فإنه أدنى أن يتبع . فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مصعب بن عمير  أخا بني عبد الدار  ، فنزل في بني غنم  على  أسعد بن زرارة  ، فجعل يدعو الناس سرا ويفشو الإسلام ويكثر أهله ، وهم في ذلك مستخفون بدعائهم ، ثم إن  أسعد بن زرارة  أقبل هو  ومصعب بن عمير  حتى أتيا بئر مري أو قريبا منها فجلسوا هنالك ، وبعثوا إلى رهط من أهل الأرض فأتوهم مستخفين ، فبينما  مصعب بن عمير  يحدثهم ويقص عليهم القرآن أخبر بهم  سعد بن معاذ  ، فأتاهم في لأمته ومعه الرمح حتى وقف عليه ، فقال : علام يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب يسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم إليه ، لا أراكما بعد هذا بشيء من جوارنا . فرجعوا ثم إنهم عادوا الثانية ببئر مرى أو قريبا منها فأخبر بهم  سعد بن معاذ  الثانية ، فواعدهم بوعيد دون الوعيد الأول فلما رأى أسعد  منه لينا قال : يا ابن خالة ، اسمع من قوله ، فإن سمعت منه منكرا ، فاردده يا هذا منه ، وإن سمعت خيرا ، فأجب الله ، فقال : ماذا يقول ؟ فقرأ عليهم  مصعب بن عمير   : ( حم  والكتاب المبين  إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون   ) فقال سعد   : وما أسمع إلا ما أعرف ، فرجع وقد هداه الله تعالى ، ولم يظهر أمر الإسلام حتى رجع فرجع إلى قومه ، فدعا بني عبد الأشهل  إلى الإسلام ، وأظهر إسلامه ، وقال فيه : من شك من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى فليأتنا بأهدى منه ، نأخذ به فوالله لقد جاء أمر لتحزن فيه الرقاب ، فأسلمت بنو عبد الأشهل  عند إسلام سعد  ودعائه إلا من لا يذكر ، فكانت أول دور من دور الأنصار  أسلمت بأسرها . 
ثم إن بني النجار  أخرجوا  مصعب بن عمير  ، واشتدوا على  أسعد بن زرارة  ، فانتقل  مصعب بن عمير  إلى  سعد بن معاذ  فلم يزل يدعو ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الأنصار  إلا أسلم فيها ناس لا محالة ، وأسلم أشرافهم ، وأسلم  عمرو بن الجموح  ، وكسرت أصنامهم  [ ص: 42 ] فكان المسلمون أعز أهلها ، وصلح أمرهم ، ورجع  مصعب بن عمير  إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يدعى : المقرئ  . رواه  الطبراني  مرسلا ، فيه  ابن لهيعة  ، وفيه ضعف ، وهو حسن الحديث ، وبقية رجاله ثقات . 
				
						
						
