[ ص: 283 ] 17 - باب ما ذكر في ائتمام المأموم بإمامه إذا صلى جالسا
حديث أنس - حديث عائشة - من ذهب إلى الصلاة قعودا كالإمام - من خالفهم - أكثر أهل العلم رأى الصلاة قياما - نسخ ذلك - رأي الشافعي
قرأت على محمد بن علي بن أحمد القاضي ، أخبرك أبو طاهر أحمد بن الحسن في كتابه ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان ، أخبرنا دعلج ، أخبرنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، سمع أنس بن مالك يقول :
سقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فرس ، فجحش شقه الأيمن ، فدخلنا عليه [ ص: 284 ] نعوده ، فحضرت الصلاة ، فصلى بنا قاعدا ، فصلينا وراءه قعودا ، فلما قضى الصلاة قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ؛ فإذا كبر فكبروا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد ، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا ، أجمعون .
أخرجاه في الصحيح ؛ من حديث مالك عن الزهري .
أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي ، أخبرنا مكي بن منصور ، [ ص: 285 ] أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاكي فصلى جالسا ، وصلى وراءه قوم قياما ، وأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ؛ فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا .
هذا حديث صحيح ، أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك ، وأخرجه مسلم من حديث هشام بن عروة ، وفي الباب عن أبي هريرة ، وابن عمر ، وجابر ، ومعاوية .
وقد اختلف أهل العلم في الإمام يصلي بالناس جالسا من مرض ، فقالت طائفة : يصلون قعودا اقتداء به ، وذهبوا إلى هذه الأحاديث ، ورأوها محكمة ، وممن فعل ذلك : جابر بن عبد الله ، وأبو هريرة ، وأسيد بن حصين ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وطائفة من أهل الحديث .
وقال أحمد : كذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله أربعة من أصحابه ، والرابع هو في خبر قيس بن فهد أن إمامهم شكا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يؤمنا جالسا ونحن جلوس .
وقالت طائفة : لا يؤم القاعد القائمين ، وإن فعلوا لم يجزهم ، وبه قال مالك ، ومحمد بن الحسن .
[ ص: 286 ] وقال الثوري : تصح صلاة الإمام ، ولا تصح صلاة المأمومين إذا صلوا خلفه جلوسا .
قال أكثر أهل العلم : يصلون قياما ، ولا يتابعون الإمام في الجلوس ، ورأوا أن هذه الأحاديث منسوخة ، وممن ذهب إلى ذلك من العلماء : عبد الله بن المبارك ، والشافعي وأصحابه ، وقد حكينا نحو هذا عن الثوري .


