قال : ( وإذا جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه  جاز عند  أبي يوسف    ) قال رضي الله  عنه : ذكر فصلين : شرط الغلة لنفسه وجعل الولاية إليه . أما الأول فهو جائز عند  أبي يوسف  ، ولا يجوز على قياس قول  محمد  رحمه الله  ، وهو قول هلال الرازي  وبه قال  الشافعي  رحمه الله  ، وقيل : إن الاختلاف بينهما بناء على الاختلاف في اشتراط القبض والإفراز ، وقيل : هي مسألة مبتدأة والخلاف فيما إذا شرط البعض لنفسه في حياته وبعد موته للفقراء ، وفيما إذا شرط الكل لنفسه في حياته وبعد موته للفقراء سواء ; ولو وقف وشرط البعض أو الكل لأمهات أولاده ومدبر يه ما داموا أحياء  ، فإذا ماتوا فهو للفقراء والمساكين فقد قيل يجوز بالاتفاق وقد قيل هو على الخلاف أيضا ، وهو الصحيح لأن اشتراطه لهم في حياته كاشتراطه لنفسه . وجه قول  محمد  رحمه الله أن الوقف تبرع على وجه التمليك بالطريق الذي قدمناه ، فاشتراطه البعض أو الكل لنفسه يبطله ، لأن التمليك من نفسه لا يتحقق فصار كالصدقة المنفذة وشرط بعض بقعة المسجد لنفسه .  ولأبي يوسف  رحمه الله ما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يأكل من صدقته   } ، والمراد منها صدقته الموقوفة ، ولا يحل الأكل منها إلا بالشرط فدل على صحته ، ولأن الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القربة على ما بيناه ، فإذا شرط  [ ص: 413 ] البعض أو الكل لنفسه فقد جعل ما صار مملوكا لله تعالى لنفسه ، لا أن يجعل ملك نفسه لنفسه . وهذا جائز كما إذا بني خانا أو سقاية أو جعل أرضه مقبرة وشرط أن ينزله أو يشرب منه أو يدفن فيه ، ولأن مقصوده القربة وفي الصرف إلى نفسه ذلك ; قال عليه الصلاة والسلام : { نفقة الرجل على نفسه صدقة   }ولو شرط الواقف أن يستبدل به أرضا أخرى إذا شاء ذلك  فهو جائز عند  أبي يوسف  ، وعند  محمد  رحمه الله الوقف جائز والشرط باطل ولو شرط الخيار لنفسه في الوقف ثلاثة أيام  جاز الوقف ، والشرط عند  أبي يوسف  ، وعند  محمد  رحمه الله الوقف باطل ، وهذا بناء على ما ذكرنا . وأما فصل الولاية فقد نص فيه على قول  أبي يوسف  وهو قول هلال  أيضا وهو ظاهر المذهب وذكر هلال  في وقفه ، وقال أقوام : إن شرط الواقف الولاية لنفسه كانت له ولاية ، وإن لم يشترط لم تكن له ولاية . قال مشايخنا : الأشبه أن يكون هذا قول  محمد  رحمه الله لأن من أصله أن التسليم إلى القيم شرط لصحة الوقف فإذا سلم لم يبق له ولاية فيه . ولنا أن المتولي إنما يستفيد الولاية من جهته بشرطه ، فيستحيل أن لا يكون له الولاية ، وغيره يستفيد الولاية منه ولأنه أقرب الناس إلى هذا الوقف فيكون أولى بولايته كمن اتخذ مسجدا يكون أولى بعمارته ونصب المؤذن فيه ، وكمن أعتق عبدا كان الولاء له لأنه أقرب الناس  [ ص: 414 ] إليه ، ولو أن الواقف شرط ولايته لنفسه وكان الواقف غير مأمون على الوقف  فللقاضي أن ينزعها من يده نظرا للفقراء ، كما له أن يخرج الوصي نظرا للصغار وكذا إذا شرط أن ليس لسلطان ولا لقاض أن يخرجها من يده ويوليها غيره لأنه شرط مخالف لحكم الشرع فبطل . 
     	
		  [ ص: 410  -  412 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					