باب السلم : 
عقد مشروع بالكتاب ، وهو آية المداينة ، فقد قال  ابن عباس  رضي الله  عنهما  : أشهد أن الله تعالى أحل السلف المضمون ، وأنزل فيها أطول آية في كتابه وتلا قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه    }الآية .  [ ص: 528 ] وبالسنة وهو ما روي " { أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم    }" والقياس وإن كان يأباه ولكنا تركناه بما رويناه . ووجه القياس أنه بيع المعدوم إذ المبيع هو المسلم فيه .  [ ص: 529 ] قال : ( وهو جائز في المكيلات والموزونات    ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم   }" والمراد بالموزونات غير الدراهم والدنانير لأنهما أثمان والمسلم فيه لا بد أن يكون مثمنا فلا يصح السلم فيهما ; ثم قيل يكون باطلا ، وقيل ينعقد بيعا بثمن مؤجل تحصيلا لمقصود المتعاقدين بحسب الإمكان والعبرة في العقود للمعاني ، والأول أصح لأن التصحيح إنما يجب في محل أوجبا العقد فيه ولا يمكن ذلك . 
قال : ( وكذا في المذروعات ) لأنه يمكن ضبطها بذكر الذرع والصفة والصنعة ، ولا بد منها لترتفع الجهالة فيتحقق شرط صحة السلم ، وكذا في المعدودات التي لا تتفاوت كالجوز والبيض لأن العددي المتقارب معلوم القدر مضبوط الوصف مقدور التسليم فيجوز السلم فيه والصغير والكبير فيه سواء باصطلاح الناس على إهدار التفاوت ، بخلاف البطيخ والرمان ، لأنه يتفاوت آحاده تفاوتا فاحشا وبتفاوت الآحاد في المالية يعرف العددي المتقارب . وعن  أبي حنيفة  رحمه الله : أنه لا يجوز في بيض النعامة لأنه يتفاوت آحاده في المالية ، ثم كما يجوز السلم فيها عددا يجوز كيلا . وقال  زفر  رحمه الله : لا يجوز كيلا لأنه عددي وليس بمكيل . وعنه أنه لا يجوز عددا أيضا للتفاوت ، ولنا أن المقدار مرة يعرف بالعدد وتارة بالكيل وإنما صار معدودا بالاصطلاح فصير مكيلا باصطلاحهما ; وكذا في الفلوس عددا . وقيل هذا عند  أبي حنيفة   وأبي يوسف  رحمهما الله.  [ ص: 530 ] وعند  محمد  رحمه الله لا يجوز لأنهما أثمان ، ولهما أن الثمنية في حقهما باصطلاحهما فتبطل باصطلاحهما ولا تعود وزنيا ، وقد ذكرناه من قبل . 
     	
		 [ ص: 526  -  527 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					