( وإن صلى أربعا ولم يقرأ فيهن شيئا  أعاد ركعتين ) وهذا عند  أبي حنيفة   ومحمد  رضي الله  عنهما  ، وعند  أبي يوسف  رحمه الله يقضي أربعا ، وهذه المسألة على ثمانية أوجه . والأصل فيها أن عند  محمد  رحمه الله أن ترك القراءة في الأوليين أو في إحداهما  يوجب بطلان التحريم لأنها تعقد للأفعال ، وعند  أبي يوسف  رحمه الله ترك القراءة في الشفع الأول لا يوجب بطلان التحريم ، وإنما يوجب فساد الأداء ; لأن القراءة ركن زائد ، ألا ترى أن للصلاة وجودا بدونها ؟ غير أنه لا صحة للأداء إلا بها ، وفساد الأداء لا يزيد على تركه فلا يبطل التحريمة ، وعند  أبي حنيفة  رحمه الله ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة ، وفي إحداهما لا يوجب ; لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة ، وفسادها بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه ، فقضينا بالفساد في حق  [ ص: 167 ] وجوب القضاء ، وحكمنا ببقاء التحريمة في حق لزوم الشفع الثاني احتياطا . إذا ثبت هذا نقول : إذا لم يقرأ في الكل قضى ركعتين عندهما ، لأن التحريمة قد بطلت بترك القراءة في الشفع الأول عندهما ، فلم يصح الشروع في الشفع الثاني . 
وبقيت عند  أبي يوسف  رحمه الله فصح الشروع في الشفع الثاني ، ثم إذا فسد الكل بترك القراءة فيه فعليه قضاء الأربع عنده ( ولو قرأ في الأوليين لا غير فعليه قضاء الأخريين بالإجماع ) . لأن التحريمة لم تبطل ، فصح الشروع في الشفع الثاني ، ثم فساده بترك القراءة لا يوجب فساد الشفع الأول ( ولو قرأ في الأخريين لا غير فعليه قضاء الأوليين بالإجماع ) لأن عندهما لم يصح الشروع في الشفع الثاني ، وعند  أبي يوسف  رحمه الله إن صح فقد أداها ( ولو قرأ في الأوليين وإحدى الأخريين فعليه قضاء الأخريين بالإجماع ، ولو قرأ في الأخريين وإحدى الأوليين فعليه قضاء الأوليين بالإجماع ، ولو قرأ في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين : على قول  أبي يوسف  رحمه الله  عليه قضاء الأربع وكذا عند  أبي حنيفة  رحمه الله ) لأن التحريمة باقية ، وعند  محمد  رحمه الله  عليه قضاء الأوليين لأن التحريمة قد ارتفعت عنده . 
وقد أنكر  أبو يوسف  رحمه الله هذه الرواية عنه ، وقال : رويت لك عن  أبي حنيفة  رحمه الله أنه يلزمه قضاء ركعتين ،  ومحمد  رحمه الله لم يرجع عن روايته عنه . ( ولو قرأ في إحدى الأوليين لا غير قضى أربعا عندهما ، وعند  محمد  رحمه الله قضى ركعتين ، ولو قرأ في إحدى الأخريين لا غير قضى أربعا عند  أبي يوسف  رحمه الله  وعندهما   ركعتين ) قال ( وتفسير قوله عليه الصلاة والسلام  [ ص: 168 ]   { لا يصلى بعد صلاة مثلها   }) يعني ركعتين بقراءة وركعتين بغير قراءة ، فيكون بيان فرضية القراءة في ركعات النفل كلها . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					