تفريع 
في الكتاب : إن مات بعد التعريف صاحب اللقطة  أمر الملتقط بأكلها ، كثرت أو قلت درهما فصاعدا ، وله التصدق بعد السنة ، لأن الواجب الحفظ بحسب الإمكان ، إما العين وثوابها ، ولظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فشأنك بها   ) ، ويخير ربها إذا جاء في ثوابها ، أو يغرمها له ، لأن الأصل : تصرفه في ملكه ، وأكثره التصدق قبل السنة إلا في التافه ، وفي التنبيهات : قيل : تسويته بين الدرهم وغيره ليس في التعريف ، بل في أصل التعريف ، ثم يختلف في اليسير دون السنة ، لقوله بعد : أكره التصدق قبل السنة إلا التافه اليسير . 
فرع : مرتب 
قال صاحب القبس : وإذا قلنا بالتملك مطلقا في سائر البقاع ، فهل يسوى بين الملتقطين ؟ المذهب : التسوية ، وقاله ( ش )   وابن حنبل  ، وقال ( ح ) - وهو أحد القولين عندنا - : لا يأكلها إلا الفقير . 
 [ ص: 116 ] لنا : عموم الأحاديث ، ولأن من يملك بالقرض يملك بالالتقاط كالفقير ، ولأن من جاز له الالتقاط جاز له التملك به كالفقير ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أبيا بأكل اللقطة وهو ممن تحرم عليه الصدقة ، وفي المقدمات : ( أن  عليا     - رضي الله عنه - وجد دينارا فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : يا رسول الله وجدت هذا ، فقال : عرفه ، فذهب ما شاء الله ثم قال : عرفته فلم أجد أحدا يعرفه فقال : فشأنك به ، فذهب فرهنه في ثلاثة دراهم وطعام وودك ، فبينما هو كذلك إذ جاء صاحبه ينشده ، فجاء  علي  إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هذا صاحب الدينار ، فقال : أده إليه ، فأدى علي ما أكل منه   ) فلو كانت اللقطة إنما تحل على وجه الصدقة لما حلت  لعلي     - رضي الله عنه - لتحريم الصدقة على أهل البيت ، على وجه السلف ، وهو جائز للاغتناء ، ولأن الغني والفقير قد استويا قبل الحول في عدم التملك فيستويان بعده قياسا لإحدى الحالتين على الأخرى . 
احتجوا بما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - في   النسائي  أنه قال : ( من وجد لقطة فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل - ولا يكتم ولا يغيب ، فإن وجد صاحبها فليردها عليه ، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء   ) وما يضاف إلى الله تعالى إنما يتملكه من يستحق الصدقة . 
وجوابه : أنه عليكم ، لأنها لو اختص ملكها بالفقير لما قال : ( يؤتيه من يشاء   ) بل قال ، هو للفقير ، سلمنا أنه ليس عليكم ، لكنا لا نسلم أن إضافته إلى الله تعالى تمنع تملك الغني ، لأن كل أموال الغني مضافة إلى الله تعالى إضافة   [ ص: 117 ] الخلق والملك ، ولقوله تعالى : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم    ) قال صاحب القبس : قال علماؤنا المحررون : هذه المسألة تنبني على أن اللقطة هل تؤخذ احتسابا لله تعالى فتختص بالفقير ، أو اكتسابا فتعم ، قال : وهذا لا يصح ، بل هي أول الأمر احتسابا جزما ، وعند ( ح ) ما يئول للاحتساب ، وعندنا : تئول لقوله - صلى الله عليه وسلم - ( فشأنك بها   ) ولم يفصل بين الغني والفقير . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					