( الفصل الخامس ) 
في المتيمم له 
قال في التلقين : وهو كل قربة لزم التطهر لها كالصلاة ، ومس المصحف ، وغسل الميت . 
تنبيه : ولم يقتصر على قوله : ما يلزم التطهر له احترازا من الحائض ، فإنه يلزمها الطهر للوطء ، ولا تتيمم ، ولنفصل ذلك . 
فروعا أحد عشر : 
الأول : قال  ابن القاسم  في الكتاب : يتيمم المريض ، والمسافر لخسوف الشمس ، والقمر  ، ولم أحفظ عن  مالك  فيهما فقها ، وقال   عبد العزيز بن أبي سلمة  في النوادر : لا يتيمم لنافلة  لعدم الضرورة لها . 
 [ ص: 357 ] لنا : قوله تعالى : ( إذا قمتم إلى الصلاة    ) ، وهو عام في جنس الصلاة ، ولهذا يشترط الوضوء للنافلة ، ثم قال : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا    ) فشرع التيمم لكل صلاة يتوضأ لها . 
الثاني : قال في الكتاب : إذا أحدث خلف الإمام في صلاة العيدين  لا يتيمم خلافا لأبي ح . قال صاحب الطراز : لأنه قادر على الوضوء ، ويصلي وحده ، فلا يتيمم لإدراك فضيلة الجماعة ، وكذلك كل من أحدث مع الإمام ليس له أن يتيمم لذلك ، وإن فاتته الجماعة ، والجمعة ، وقد سلم  أبو حنيفة  بذلك ، ويوضح ذلك أن الوضوء شرط واجب ، والجماعة فضيلة ، والواجب لا يترك لأجل الفضيلة ، وقيل : يتيمم لخوف فوات الجمعة ، وعلى هذا يتيمم لفوات العيدين قال : ولو خاف فوات ركعتي الفجر إن توضأ ، ويدرك الصبح ويدركهما إن تيمم    - قال : يتوضأ . 
الثالث : قال في الكتاب : لا يصلي الجنازة بالتيمم  إلا المسافر الذي لا يجد الماء . قال صاحب الطراز : لأن الغالب في الحضر الماء ، فإن كان ثم من يصلي عليها فلا حاجة إلى التيمم ، وإن لم يكن وأمكن التأخير حتى يوجد الماء أخرت ، وإلا صلوا بالتيمم . قال  اللخمي     : قال  ابن وهب     : إذا خرج للجنازة ، وهو طاهر ، ثم أحدث ، ولم يجد ماء تيمم ، وإن خرج على غير طهارة لم يتيمم ، وقال  أبو حنيفة     : يتيمم ، كقوله في العيدين ، ويجيء ذلك على قول بعض أصحابنا كما تقدم . 
الرابع : قال صاحب الطراز : من مسجده في سوقه ، أو دخل مسجدا فأراد تحيته ، أو أراد القراءة ، وهو جنب    - لا يتيمم لشيء من ذلك ، وإن كان يتركه . 
الخامس : قال في الكتاب : من لم يجد الماء في سفره يتيمم لمس المصحف  ، ويقرأ حزبه . قال صاحب الطراز : وهذا قول أكثر أئمة المذهب ، وقال  عبد الملك     :   [ ص: 358 ] لا يتيمم إلا للمكتوبة لأنه محدث أجيزت له الفريضة للضرورة ، ولذلك منع الصلاة أول الوقت لجواز التأخير . لنا آية التيمم . 
قال : فيصلي النافلة متصلة بها ، أو بالفرض الذي قبلها ، وإذا نوى بتيممه النافلة فعل سائر النوافل ، فإذا نوى مس المصحف فعل القراءة ، وسجود التلاوة المتعلقة بمس المصحف ، وهل له أن يتنفل به ، وهو المروي عن  مالك  ، أو يقال : الوضوء لمس المصحف مختلف فيه يضعف عن الوضوء ، وهو لبعض الشافعية . 
السادس : قال في الكتاب : إذا قدم النافلة على الفريضة أعاد التيمم  للفريضة لبطلانه بالفراغ منها . قال صاحب الطراز : وروي عن  مالك  ،  وابن القاسم  الإعادة في الوقت . 
حجة البطلان أن المتيمم محدث ، فلا يشرع له التيمم إلا لضرورة ، ولا ضرورة إلا عند دخول الصلاة ، ولهذه العلة لا يجمع بين فرضين . 
وحجة عدم البطلان أن التيمم بدل ، فلا يبطل إلا بوجود المبدل ، أو الحدث فيستمر حكمه إلى ذلك . 
السابع : قال  ابن القاسم  في الكتاب : إذا تيمم الجنب للنوم  لا يتنفل ، ولا يمس مصحفا ، وروي عن  مالك  ذلك كالخلاف في الوضوء . قال صاحب الطراز : ولو تيمم للفريضة فله فعلها ، وفعل النافلة بعدها ، وقراءة القرآن حتى يحدث ، وقال بعض الشافعية : الحدث الطارئ لا يمنع القراءة لتقدم الاستباحة ، وليس كما زعم ، فإن الجنابة ثابتة ، وإنما التيمم مبيح إلى حين الحدث ، فمن ادعى بقاء الإباحة بعد ذلك فعليه الدليل . 
الثامن : قال في الكتاب : لا يصلي به مكتوبتين  ، قال  اللخمي     : فيه أربعة أقوال : عدم الجمع مطلقا في الأداء ، والقضاء ؛ لما تقدم ، والجمع قياسا على مبدله ، والتفرقة بين الصلاتين إذا اجتمعتا في الأداء كالظهر مع العصر آخر القامة   [ ص: 359 ] الأولى ، وبين غيرهما ، فيجوز في الأول دون الثاني ، والتفرقة بين من يطلب الماء ، ومن لا يطلبه كالمجدور ، والمحصوب فيجوز في الثاني دون الأول . قال صاحب الطراز : والمذهب المنع مطلقا ، وقد روى  ابن وهب  مسندا عن   ابن عباس  رضي الله عنهما أنه قال : لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ، قال   الطرطوشي  في تعليقه : هذه المسألة تنبني على ثلاثة أقوال : أن الصلاة لا يتيمم لها قبل وقتها ، وأن الطلب واجب ، وأن التيمم لا يرفع الحدث ، فإن جمع قال  ابن القاسم  في العتبية : يعيد في الوقت ، ولو أعاد أبدا كان أحب إلي ، وقال : في كتاب  محمد  يعيد أبدا ، وقال  أصبغ     : يعيد المشتركة في الوقت ، والمباينة أبدا . 
التاسع : قال صاحب الطراز : إذا قلنا : لا يجمع بين فرضين ، فهل يجمع بين فرض وسنة  ، أو فرض معين وفرض على الكفاية ؟ المذهب الجواز إذا قدم الفرض ، وقال   سحنون     : إذا تيمم للعشاء يستحب له أن لا يصلي الوتر ، وإذا قلنا يصلي الجنازة بتيمم الفريضة ، فلا فرق بين كثرة الجنائز ، وقلتها ، وقال بعض الشافعية : لا يصلي على جنائز بتيمم واحد في صلاة واحدة لأنه إسقاط لفرائض بتيمم واحد ، وهو باطل ; لأن الصلاة واحدة . 
العاشر : قال صاحب الطراز : إذا تيمم لصلاة ، ثم ذكر غيرها  ، فإن كانت المذكورة في الترتيب بعدها تيمم لها إذا فرغ من الأولى ، وإن كانت قبلها لم يجز تيممه للأخرى . 
الحادي عشر : قال : لو نسي صلاة من خمس تيمم لكل واحدة  منهن لئلا يتيمم للفرض قبله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					