الركن الثاني : في محلها الذي تجب فيه كاملة أو بعضها  ، وقد تقدمت النصوص الدالة على الديات أول الركن الأول . وفي الكتاب في الأنف : الدية ، قطع من المارن أو من أصله ، وفي الحشفة : الدية كما في الذكر ، وفي بعض الحشفة بحساب ما نقص ، ويقاس من الحشفة لا من أصل الذكر ، وما قطع من الأنف يقاس من المارن لا من أصله ; لأن اليد إذا قطعت من الكف تم عقلها ، أو أنملة فبحسابها ، وإن خرم الأنف أو كسر خطأ فبرئ على   [ ص: 359 ] غير عثم فلا شيء فيه ، أو على عثم ففيه ( الاجتهاد ، وقال   سحنون     : ليس فيه اجتهاد ; لأن الأنف إذا قرض فإن برئ على عثم ففيه ) بحسب ما نقص من ديته ، وكل نافذة في عضو إن برئت على غير عثم ( فلا شيء فيه . وإلا فالاجتهاد ، وليس كالموضحة تبرأ على غير عثم ) ففيها ديتها دية مسماة ، بخلاف خرم الأنف ، وفي موضحة الخد عقل الموضحة وليس الأنف ولا اللحي الأسفل من الرأس في جراحهما ; لأنهما عظمان منفردان ، بل الاجتهاد ، وليس فيها سوى الرأس من الجسد إذا وضح عن العظم عقل الموضحة ، وموضحة الرأس أو الوجه إذا برئت على شين زيد في عقلها بقدر الشين ، وعظم الرأس من حيث أصابه فأوضحه فموضحته ونواحيه سواء ، وحد ذلك منتهى الجمجمة ، وأسفل من ذلك من العين لا موضحة فيه ، والموضحة أو المنقلة لا تكون إلا في الوجه والرأس ، وحد الموضحة : ما أفضى إلى العظم ، ولو بقدر إبرة ، والمنقلة : ما أطار فراش العظم وإن صغر ، ولا تكون المأمومة إلا في الرأس ، وهي ما أفضى إلى الدماغ ولو مدخل إبرة ، والجائفة ما أفضى إلى الجوف ولو مدخل إبرة ، وإذا نفذت الجائفة إلى الجانب الآخر فاختلف فيه قول  مالك     . قال  ابن القاسم     : وأحب إلي أن يكون فيها ثلث الدية ، وفي اللسان إن قطع من أصله ، أو قطع منه ما منع الكلام : الدية ، وإن لم يمنع من الكلام شيئا : ففيه الاجتهاد بقدر شينه إن شانه ، وإنما الدية في الكلام لا في اللسان كالدية في السمع ، لا في الأذنين ، وفي نقص الحروف فبقدر ذلك ، ولا يعمل في نقص الكلام على عدد   [ ص: 360 ] الحروف ، فرب حرف أثقل من حرف في النطق ، لكن بالاجتهاد ، فإن أخذ في الحشفة الدية ، ثم قطع عسيبه ففيه الاجتهاد ، وينتظر بالعقل والقود في الجراح البرء ، فإن طلب تعجيل الدية - إذ لا بد له منها عاش أو مات - لم تجب لذلك ، ولعل أنثييه أو غيرهما تذهب من ذلك ، ولا تعجل دية الموضحة لعله يموت فتكون فيه القسامة ، وكذلك المأمومة توقف للقسامة . قيل  لمالك     : اللسان يعود يلبث ؟ قال : ينتظر إلى ما يصير إليه ، إن منع الكلام فالدية ، ولا ينتظر القود ، وفي الصلب الدية ، وكذلك إن قعد عن القيام كاليد إذا شلت ، وإن مشى وبرئ على عثم أو على حدب ففيه الاجتهاد ، وإن عاد الصلب فأصيب في الخطأ لا شيء فيه ، وكذلك جميع الخطأ ; لعدم الفوت فلا يجب البدل بخلاف القصاص ; لأنه بدل الألم ، وإن عاد العضو بحاله ، وفي اليدين : المنكب أو الأصابع فقط الدية ، وفي العقل الدية ، وفي الأذن إذا اصطلمت أو شدخت : الاجتهاد ، وفي الأذنين : الدية إذا ذهب السمع اصطلمتا أو بقيتا ، وإن رد السن فنبتت أو دونه فله القود في العمد ، وله العقل في السن في الخطأ ، وفي كل سن خمس من الإبل ، والأضراس والأسنان سواء ، وفي السن السوداء خمس من الإبل  كالصحيحة لبقاء المنفعة ، إلا أن يكون يضطرب اضطرابا شديدا ، ففيها الاجتهاد ، وفي السن المأكولة بحساب ما بقي ، وفي جفون العين وأشفارها : الاجتهاد ، وفي حلق الرأس إن لم ينبت : الاجتهاد ، وكذلك اللحية ، ولا قصاص في غير هالك ، وكذلك الحاجبين ، وإن برئ الظفر على عثم ففيه الاجتهاد ، وإن   [ ص: 361 ] انخسفت العين أو ابيضت وذهب بصرها وهي قائمة ، ففيها الدية ; لذهاب المنفعة ، وإن نزل ثم برئت رد الدية ، وينظر بالعين سنة فإن مضت السنة وهي منخسفة انتظر برؤها ، ولا يقاد إلا بعد البرء ، وإن سال دمعها انتظرت سنة ، فإن لم يرقأ دمعها فحكومة ، وفي شلل اليد أو الرجل الدية ; لعدم المنفعة ، وفي شلل الأصابع الدية ، وفيها إن قطعت بعد ذلك الحكومة ، ولا قود في عمدها ، وفي الأنثيين إذا أخرجتا أو رضتا : الدية ، وفيهما مع الذكر ديتان ، وإن قطعتا قبل الذكر أو بعده ففيهما الدية ، والبيضة اليمنى واليسرى في كل واحدة : نصف الدية ، وفي كل شفة نصف الدية ، وفي أليتي الرجل والمرأة حكومة ، وفي ثدي الرجل : الاجتهاد ، وفي ثدي المرأة : الدية ; لمنفعتهما . وقطع حلمتيهما وإبطال مخرج اللبن الدية ، فكذلك ثدي الصغيرة إن تيقن ( أنها لا تعود ) وأبطلهما أو شك فيه ، وضعت الدية ، وانتظرت كسن الصبي ، فإن مات قبل أن يعلم الدية ، وفي المفصلين من الإبهام عقل أصبع ; لأنهما أصبع ، وفي كل مفصل عقل الأصبع ، ومن قطعت إبهامه فأخذ ديته ثم قطع العقد الذي بقي من الإبهام في الكف فحكومة ، وكذلك في الكف إذا لم يكن فيها أصبع ، وفي أصبعين مما يليهما من الكف خمسمائة الكف ، ولا حكومة له مع ذلك . 
فائدة ، في التنبيهات : العثم والعثل باللام والعين المهملة المفتوحة والثاء المثلثة مع اللام ، وساكنة مع الميم بمعنى واحد ، وهو الأثر والشين ، وقد تقدمت أسماء الجراح . قال : وظاهر الكتاب : تعجيل القود في سائر الأعضاء  كما يقاد في الجراح ، وإن نبت لحمها ، وإنما الانتظار في اللسان في الدية  لاحتمال أن ينبت فلا دية ، أو ينبت بعضه فبحسابه ، وخرج بعضهم تأخير القود على قوله في سن الصبي ، وثدي الصغيرة إذا نبت إنه لا قود ،   [ ص: 362 ] وينتظر نباته ، قال وليس كذلك ; لأن السن يسقط غالبا بالإثغار ، فإذا نبتت فكأنه لم يجن عليها ، وثدي الصغيرة كأنه لم يقطع ; لأنه ليس بموجود وإنما قطع حلمته ، فإذا كبرت لم يبطل اللبن فلا شيء عليه إلا الشين ، وإن بطل اللبن والجاني رجل فالدية ; إذ لا مثال له في الرجل ، أو امرأة فالقصاص ، واختلف في الاستيناء بالجرح سنة إذا ظهر برؤها فيها ، فتأول بعض الشيوخ لا بد من السنة مخافة انتقاضه حتى تمر عليه الفصول الأربعة ، وإليه ذهب   ابن شاس  ، وخالفه غيره وقال : متى برأت عقلت ، وهو ظاهر الأصول ، ولا معنى للانتظار بعد البرء . في الموازية : يستأنى بالعين فإن استقرت بمقرها عقل ما ذهب منها وإن كان قبل السنة ، واختلف إن مضت السنة في الجرح قبل البدء : ففي الكتاب : ينتظر برؤها ولا قود ولا دية إلا بعد البرء . قال  أشهب     : تعقل بحالها عند تمام السنة ، ويطالب بما زاد بعدها . قال  اللخمي     : لذلك ثلاثة أحوال : إن كان دون الثلث ويجب تناسيه ثم عقله ، وإن أمن تناسيه لم يعقل كالموضحة ، قال  ابن القاسم     : لا يعقل إلا بعد البرء ، وقال   ابن عبد الحكم     : يعقل وإن كانت الدية فيوم ما أخذه ، والعين الدامعة لا ينتظر بها بعد انقضاء السنة ، بخلاف العين المنخسفة ; لأن الخسف جرح يبرأ فينتظر البرء ، والدمع يدوم أبدا فلا يزاد على السنة . قال  ابن يونس     : إذا أخرقت الجائفة . الذي قاله  ابن القاسم     : من ثلث الدية . قاله  أشهب  وغيره ، وقضى به   الصديق  رضي الله عنه ، وعن   [ ص: 363 ]  الصديق     : ثلثا الدية وجعلها جائفتين ، وإذا برئت الجراح المقدرة كالموضحة وغيرها على شين   : فرواية  لابن القاسم     : يزاد للشين . وعن  مالك     : لا يزاد ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر ذلك ولم يذكر شيئا ، ولأن الموضحة تكون قدر الإبرة ، وعقلها عقل العظيمة ، فكذلك الشين . قال  مالك     : وليس للمجروح أجرة الطبيب ، ورأى  مالك  مرة في إشراف الأذن الدية ثم قال : حكومة ; لعدم المنفعة ، ولاحظ في الأول : قوله عليه السلام : ( في الأذن خمسون من الإبل   ) ولأنهما يجمعان الصوت للصحاح ، وروى   ابن شهاب  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنما أريد بالأذن السمع   ) وهو كلام العرب : أذن الرجل إذا سمع ، وعن  أشهب     : إذا ردت السن أو الأذن في الخطأ فبرئت  لا شيء فيهما . قال  مالك     : وإذا رد الأذن فلم ينبت فاقتص ، فردها الجاني فنبتت  ، فالمجروح عقل أذنه وسنه ، وكذلك لو نبتت الأولان ثم اقتص فنشئا للجاني أيضا للأول العقل ، وإن لم ينبت للجاني فلا شيء له ; لأن نبوتهما يبطل حكمة القصاص من التشفي ، ولا قصاص مرتين ، فله العقل ، وقضى  عمر  رضي الله عنه : في الترقوة بجمل ، وفي الضرس بجمل ، وفي الضلع بجمل   . قال   سعيد بن المسيب     : لما قضى  معاوية  رضي الله عنه في الضرس بخمسة أبعرة يريد الدية في قضاء  عمر  ، ولو كنت أنا ; لقضيت في الأضراس ببعيرين فتتم الدية سواء   . وقاله  ابن أبي مسلمة  ومحمد  ، وفي الأضراس : عشرون ، والأسنان اثنا عشر ، أربع ثنايا ، وأربع رباعيات ،   [ ص: 364 ] وأربعة أنياب ، قاله  ابن مزين     ; وهو يأتي على قول   ابن المسيب  ، وغير  ابن مزين  يقول : الأضراس ستة عشر ، ويريد : أربع ضواحك ، وهي التي بين الأنياب ، وإن ضرب السن فاسودت ، ثم عقلها ، وإن طرحت بعد ذلك تم عقلها أيضا ، قاله  عمر  فيها ، وقاله  مالك  ، فإن احمرت أو اصفرت فبحسابها . قال  أشهب     : الحمرة أقرب للسواد ، ثم الخضرة ثم الصفرة ، وفي ذلك كله بقدر ما ذهب من بياضها ، وقال  أشهب     : إذا ذهب بياض العين أو ماؤها بعد أخذ عقلها لم يزد شيئا إذا استؤني بها . قال : ولعل ذلك بقضاء قاض ، وإذا لم يبق في الكف أصبع ففي قطعه حكومة ، وقال  أشهب     : لا شيء فيه . قال  مالك     : إذا كانت خلقة يده على أربعة أصابع ، ففي كل أصبع عشر من الإبل ، وكذلك إن كانت ثلاثة أو أصبعين ; لأنه ظاهر النص ، ومن في كفه أصبع زائدة ( قوتها كقوة الأصابع ) فعقلها عشر من الإبل ، ولا قصاص فيها عمدا لعدم النظير ، وإن قطعت يده كلها فستون من الإبل ، وإن كانت الزائدة ضعيفة فقطعت يده لم يزد في ديتها ، وإن قطعت وحدها فحكومة ، ثم إن قطعت اليد فديتها ، ولا يحاسب بالحكومة . قال  أشهب     : إلا أن ينقص ذلك من قوة الأصابع فيحاسب . 
وعن  مالك  في الذكر والأنثيين  المقطوع منهما أولا فيه الدية ، وفي الثاني حكومة ; لعدم الانتفاع به وحده ، وقيل : إن قطعا معا وبدأ من أسفل : فديتان ، أو من فوق فدية وحكومة ; لأن الذكر ينتفع بإيلاجه ، بخلاف الأنثيين ، وعن  ابن حبيب     : إن قطعتا بعد الذكر فلا دية فيهما ، وفي الذكر الدية قطع قبل أو بعد ، أو قطع الجميع في مرة فديتان ، كان القطع من فوق أو أسفل ، وقيل في اليسرى من البيضتين دية كاملة ; لأن منها النسل ، واليمنى اللحية ، وفي الشفة العليا ثلثا الدية ; لأنها للستر والشارب   [ ص: 365 ] ومنع مائية الأنف ، وعكس   سعيد بن المسيب  وغيره : لأن السفلى تمنع جريان اللعاب والطعام ، والصحيح المشهور : أن اليد اليمنى أشد وأنفع ولم يعصها أحد ، وقال  ابن القاسم  في إليتي الرجل والمرأة : حكومة ; لأنها للجمال ، وقال  أشهب     : في إليتي المرأة : دية كاملة ; لأنها تنتفع بها عند زوجها ، بل مصيبتها فيها أعظم ( من الثديين وعينيها ويديها ) ، وقال  مالك  في شفري فرج المرأة تجب الدية كاملة  وفيما هو واحد في الإنسان ، وهو ستة عشر : السوأة ، وجلدة الرأس ، والعقل ، والأنف ، والشم ، واللسان إذا امتنع الكلام ، والصوت ، والذوق ، والصلب والصدر إذا صدمه . قاله  عبد الملك     . وقال  ابن عبدون     : حكومة ، والذكر والنسل إذ أفسد الإنعاظ ، وفرج المرأة إذا أفضاها فيبطل الاستمتاع ، أو جذام الرجل أو برصه أو أسقاه فسود جسمه ، والدية في كل اثنين ( من الأسنان  ، وفي كل واحد نصف الدية وهي عشر لعين والسبع ولشرف الأذنين ) على اختلاف قول  مالك  ، والشفتان ، واليدان ، والرجلان ، والأنثيان ، وثديا المرأة ، وشفراها ، وإليتاها على قول  أشهب     . وفي جفون العين والحاجبين حكومة ، وقال ( ش ) وأصحاب الرأي : فيها الدية في كل جفن ربع الدية ( وقال   سعيد بن المسيب     : في الحاجبين الدية    ) وقياس قول  مالك  في السن تسود أن فيها عقلها . قال : لأنه أذهب جمالها ، وإن بقيت منفعتها أن في الجفون الدية ، بل أولى ; لأن ذهابها أفحش وأضر بالبصر ، وتجب في العقل إن كان مطبقا لا يفيق ، فإن كان يذهب عقله يوما وليلة من الشهر : فله من الدية جزء من ثلاثين ، وعلى هذه النسبة ، فإن لازم النقص وبقي تمييز فبحسابه يقوم عبدا صحيحا ومعيبا ، وتلزم تلك النسبة ( من الدية ) . 
وعن  مالك  في الذكر أن ما نقص منه يقاس بحسابه  ، وهو أشبه بقوله عليه   [ ص: 366 ] السلام : ( إذا أوعب جدعه   ) وقال  ابن القاسم     : إذا ذهب الأنف والشم معا فدية واحدة . قال صاحب الجلاب : والقياس : ديتان . والأول أحسن ; كاللسان والذكر ، وإذا ذهب مع اللسان الصوت والذوق لم يرد شيئا ، وإن ذهب بعض كلامه وصوته فالدية كاملة ، أو نصف كلامه ونصف صوته فثلاثة أرباع الدية : النصف لنصف الكلام ، ويسقط ما يقابله من الصوت ، وهو النصف ; لأنه لو ذهب كل الكلام والصوت لم يزد للصوت شيء وفي الصلب  ثلاثة أقوال : إذا أقعد عند  ابن القاسم  كاليد إذا شلت ، وفي الحدب والعقل : الاجتهاد ، وعن  مالك     : إذا انحنى فبقدره ، وقيل : فيه الدية إذا صار كالراكع ، وما دون ذلك فبحسابه . قال  عبد الملك     : فيه الدية إذا عجز عن الجلوس ، وإن نقص عن جلوسه فيقدر من الدية ، قال  اللخمي     : وتصح فيه الدية للأمرين : إذا قدر على المشي منحنيا وإن لم يبلغ الركوع ، وإذا أفسد قيامه وصار كالراكع ، وإن كان يقدر على الجلوس ولم يبلغ الركوع ، فبحساب ما بين قيامه معتدلا وراكعا ، فإن استوى ما بينهما فنصف الدية ، وقال  عبد الملك     : في الصلب ثلاث وثلاثون فقارة ، في كل فقارة ثلاثة من الإبل ، فراعى الصلب دون ما يترتب عليه من المشي . 
وعن  مالك  في قطع الذكر والأنثيين معا    : دية واحدة فيصير فيهما بما تقدم خمسة أقوال : وللذكر  ستة أحوال : الدية في ثلاثة ، وتسقط في واحد ، ويختلف في اثنين ; فالثلاثة : قطعه أو قطع الحشفة وحدها ، أو يبطل النسل منه بطعام أو شراب ، وإن لم يبطل الإنعاظ ، وتسقط إذا وقع بعد قطع الحشفة ، ففيه حكومة ، ويختلف إذا قطعه ممن لا يصح منه النسل وهو قادر على الاستمتاع ، أو عاجز عنه ، والشيخ الكبير ،  ولمالك  في العنين والذي لم يخلق له ما يصيب به النساء   [ ص: 367 ] قولان ، وإن اتفقوا في الجراح المقدرة : الموضحة ، والمأمومة ، والمنقلة ، والجائفة ; أن فيها ديتها وإن عادت لحالها ، وقاس  ابن القاسم     : اليسير عليها إذا عادت ، ويختلف في الأذنين إذا ردهما فعادا ، فعلى القول إن فيها حكومة : لا شيء فيهما ، وعلى القول بالدية : فيهما الدية كالسن ، وبخلاف عود السمع والبصر والعقل ; لأنها إذا تبين أنها ما زالت ، وإنما حدثت لها حجب ، وإن شق الشفة وتبين ما بين الشفتين فبحسابه من الدية بقدر ما بان كل واحد منهما عن صاحبه ; لأن ذلك يصير في معنى القطع ، وإن لم يبن ما بينهما وحصل شين فحكومة ، وإن اجتمع قطع وشق ففي القطع حسابه من الدية ، وإن قطع من الشفة ما أذهب بعض الكلام عقل الأكثر مما ذهب منها أو من الكلام ، وقيل في هذا الأصل : يكونان له جميعا ، ويستوي في الرجل من أصل الفخذ أو الركبة أو الكعب أو الأصابع ، أو إبطال منفعتها أو يبقى من المنفعة ما لا قدر له وإن لم يقطع منها شيئا ، وكذلك اليد من المنكب أو الأصابع أو المنفعة فقط ; فإن أذهب بعض المنفعة فبحسابه من الدية ، وتعتبر القوة من الأصابع لا من جملة اليد إلا أن يكون ما ضعف من اليد أكثر مما ضعف من الأصابع ; فإن أبان بعضا وضعف الباقي فبقدر ما أبان من العضو والقوة ، فإن أبان نصف الأصابع ونصف القوة من الباقي فنصف الدية للمقطوع ، وربعها لنصف منفعة الباقي ، وإن أذهب الأصابع وبقي الباقي على قوته لم ينقص العقل أو نقصت ( منفعة ) قوته لم يزد فيه ، فإن ضعفت وصغرت : ففي الضعف بحسابه ، وفي الصغر بقدر ما ذهب منها . وعن  مالك     : إن رجع إلى أن في الإبهام ثلاثة أنامل ; لأن الثالث وإن لم يكن بائنا فهو يتحرك بحركة الإبهام ، فيكون في كل مفصل ثلاثة أبعرة وثلث ، وعن   سحنون  في الأصبع السادسة في اليد : نصف الدية  ، قال : وقد قيل : في اليد نصف الدية ، وفي   [ ص: 368 ] الزائد    : حكومة ، ولم يفرق بين ضعفها وقوتها ، وإبهام الرجل مفصلان ، قولا واحدا لمناسبته في الخلقة لإبهام اليد ، فليس بعد المفصلين إلا مشط الرجل ، ومن أخذ عقل أصبع ثم قطع الأربع مع الكف فدية الأربع ، ولا يزاد للكف شيء ; فإن بقي ثلاثة فأقل فسواء عند   سحنون  ، وقال  ابن القاسم     : إن لم يبق إلا أصبع فديته وحكومة في الكف ; وإن زاد فديتهما ، ولا شيء في الكف . وقال  عبد الملك  في الثلاث الخطأ ديتها ، وفي الكف حكومة في خمسيه دون ثلاثة أخماسه ; لأنه مقابل المأخوذ منه الدية ، واختلف في الهاشمة إن هشمت العظم ولم تنقله . قال  محمد     : فيه الموضحة ، وقال  ابن القصار     : مع ذلك حكومة ، وقال  الأبهري     : فيها ما في المنقلة ، والثاني أرجح ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب في الموضحة نصف العشر مع سلامة العظم ، فلا بد للزائد من أثر ، والدية في السن بأربع جنايات ، طرحت أو اسودت أو طرحت بعد السواد ، أو تحركت تحريكا بينا ، وإن أسقطها إنسان بعد ذلك فحكومة ، وإن تحركت وبقيت فيها قوة فبحساب ما ذهب من قوتها ; فإن سقطت بعد ذلك فبحساب ما بقي ، وإن نقص الكلام لذهاب الأسنان ، ( فله الأكثر من دية الأسنان ) أو ما نقص من الكلام ، ويحمل قوله عليه السلام : ( في السن خمس من الإبل   ) على السن الواحدة ; لأن الكلام لا يتغير غالبا بها . 
وفي المقدمات : في الجسد على المذهب ثماني عشرة دية    : إحدى عشرة في الرأس : العقل ، والسمع ، وإشراف الأذنين عند  أشهب  ، والبصر ، والشم ، والأنف ، والذوق ، ولا أعلم فيه نصا لأصحابنا ، والكلام ، والشفتان ، والشوى وهي جلدة الرأس ، والأضراس ، والأسنان فيها عند  مالك  أكثر من دية . وسبع في الجسد : اليدان ، والرجلان ، والصلب ، والصدر ، والذكر ، والأنثيان ، والجماع   [ ص: 369 ] في المرأة ثمان عشرة أيضا ، غير أن فيها ثلاثا ليست في الرجل : الشفران ، والحلمتان ، والإليتان عند  أشهب     . وفي الرجل ثلاثة : الجماع ، والذكر ، والأنثيان . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					