[ ص: 392 ] الباب الثالث عشر . 
في الوتر    . 
وهو الفرد واحدا أو أكثر ، وهو بفتح الواو عند أهل الحجاز   وبكسرها : الرجل ، ولغة أهل العالية على العكس ، وتميم تكسر فيهما ، وهو بالتاء المثناة ، وأما المثلثة مع الكسر فهو الفراش الوطئ ، ومع الفتح : ماء الفحل يجمع في رحم الناقة إذا أكثر الفحل ضرابها ولم تلقح . وهو عندنا سنة مؤكدة ، وحكى  المازري  عن   سحنون  وجوبه ، وبه قال ( ح ) محتجا بما يروى عنه - عليه السلام - : " إن الله زادكم صلاة إلى صلواتكم الخمس ، ألا وهي الوتر ، والزيادة على الشيء تقتضي أن تكون من جنسه وهو غير ثابت . لنا ما في  مسلم     : أنه - عليه السلام - قال للسائل لما سأله عن الصلوات الخمس ، فقال : هل علي غيرهن ؟ قال : " لا ، إلا أن تطوع " . فقال : والله لا أزيد عليهن ، ولا أنقص منهن . فقال : " أفلح والله إن صدق   " ولفعله - عليه السلام - إياه على الراحلة وهو من شعار النوافل . 
سؤال : قيام الليل والوتر  واجبان على النبي صلى الله عليه وسلم ; فكيف يستقيم الاستدلال ؟ . 
جوابه : أن ذلك ليس بواجب عليه في السفر ، وفي الجواهر آكد   [ ص: 393 ] الصلوات بعد الخمس    : العيدان ، ثم الكسوف ، ثم الوتر ، ثم الفجر ، ثم ركعتان بعد المغرب ، واختلف في ركعتي الإحرام : هل هما سنة أو نافلة ؟  وفي ركعتي الطواف : هل سنة أو حكمها حكم الطواف ؟  وفي الكتاب هو واحد وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : بثلاث بتسليمة . لنا ما في الصحاح : أن رجلا سأل النبي - عليه السلام - عن صلاة الليل ، فقال - عليه السلام - : " مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة يوتر له ما قد صلى   " . قال  سند     : فلو أوتر خلف من يوتر بثلاث  ، قال  مالك     : يوافقه ، ولو أراد أن يشفع وتره بعد ذلك فروى  ابن القاسم  المنع ، وروى غيره الكراهة والجواز ، ومن أحرم بشفع لا يحوله وترا قاله  ابن القاسم  ، وهو ظاهر الكتاب ، وروي الجواز ، وهو مبني على نية الركعات ، ونقل  اللخمي  عن  مالك  افتقاره إلى النية لتمييز رتبته ، وعن  أصبغ  عدم افتقاره ; لقوله - عليه السلام - : " فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة يوتر له ما قد صلى   . وظاهره أنه إذا أحرم بشفع جعله وترا إذا خشي الصبح ، وأما الركعتان قبله ففي الجواهر قيل هما شرط في تمام الفضيلة ، وقيل : في الصحة ، وسبب الخلاف : هل هو وتر للفرض أو للنفل ؟ وفي اختصاص الركعتين به ، أو تكفي كل ركعتين ؟ قولان ، وهل يشترط اتصالهما ؟ به قولان ، وفي الكتاب لا يوتر بواحدة ليس قبلها شيء في سفر ولا حضر ; خلافا ( ش ) أما الحديث السابق على أنه وتر النفل فلا بد من تقدمه ، قال  سند     : ظاهر الكتاب لا يوتر بواحدة لعذر المرض ; خلافا  لسحنون  في المرض والسفر فإن فعل من غير   [ ص: 394 ] عذر ، قال  أشهب     : يعيد وتره بإثر شفع ما لم يصل الصبح ، وقال   سحنون     : إن كان بقرب شفعه وأوتر وإلا فلا شيء عليه ، وروى  ابن القاسم  اتصاله بالشفع في المجلس ، وروى  ابن نافع  غير ذلك ، والأول هو المنقول عن السلف . وفي الكتاب الذي آخذ به في نفسي القراءة فيه بالحمد والإخلاص والمعوذتين . قال  ابن القاسم     : وكان لا يفتي به ، وإنما يفعله ، وروى   سحنون  ذلك عنه - عليه السلام - وهو في  أبي داود  ، وهو قول جماعة من أصحاب ( ش ) ، قال  سند     : وقال  ابن حبيب     ( ح ) بترك المعوذتين ، فإن اقتصر على الحمد ففي العتبية : لا سجود عليه ، ولو سها عن جملة القراءة قال  مالك     : أحب إلي أن يشفعه ويسجد للسهو ثم يوتر ، فلو لم يدر هل ترك القراءة من الشفع أو من الوتر ؟ قال   سحنون     : يسجد قبل السلام ويعيد شفعه ووتره ، وهذا يتجه فيمن جمع شفعه ووتره في سلام ، أما لو سلم بينهما ، فقال  مالك     : يشفع وتره ثم يوتر ، فإن ذكر سجدة ولم يدر من وتره أو شفعه ؟ قال   سحنون     : إن تقدم له إشفاع سجد سجدة وسلم وسجد بعد السلام وتجزيه ، وإلا أصلح هذه بسجدة وشفعها وسجد بعد السلام وأوتر ، وقال  أبو الطاهر     : يجهر في الوتر ، فإن سها عن الجهر سجد قبل السلام أو بعده ، ففي بطلان وتره قولان ; لأن  ابن   [ ص: 395 ] عباس     - رضي الله عنه - وغيره ممن وصف وتره - عليه السلام - ذكره جهرا ، وأما الشفع ، فقال  مالك     : في المجموعة لا يختص بقراءة ، وخصصه القاضي في المعونة بسبح في الأولى ، " وقل يا أيها الكافرون " في الثانية ، وقاله ( ح ) و ( ش )   وابن حنبل     . فروع خمسة : 
الأول في الكتاب : يصلي الوتر بعد الفجر  ، وقاله ( ش ) و ( ح ) ; خلافا  لابن حنبل  وأبي مصعب  واللخمي  منا ، فعندنا له وقتان : اختياري إلى الفجر ، واضطراري بعده إلى الشمس ، وعندهم اختياري فقط . لنا ما فيالترمذي     : " من نام عن وتره فليصله إذا أصبح   " ، قال  مالك  في الموطأ : ولا يتعمد تأخيره بعد الفجر ، قال  سند     : فإن أصبح والوقت متسع وقد تنفل بعد العشاء ، قال  ابن القاسم     : يوتر الآن بواحدة ، وإلا صلى قبله ركعتين ; لأن الشفع قبله من الرواتب ، فإن لم يتسع الوقت للشفع والوتر وركعتي الفجر ، قال  أصبغ     : يسقط ، قال  سند     : وفيه نظر ; لأنه أعلق بالوقت من الشفع ; لأن الصبح يقدم على الوتر عند ضيق الوقت فيقدم تابعه . وفي الكتاب : إذا ضاق الوقت إلا عن الصبح والوتر صلاهما وترك الفجر ; للاختلاف في وجوب الوتر ; لأنه يستدرك نهارا بخلاف الوتر ، وإن لم يسع إلا الصبح صلاه ولا يقضي بعد الشمس إلا الفجر إن شاء ، فإن بقي أربع ركعات ، قال  أصبغ  في الموازية : يوتر بثلاث ويدرك   [ ص: 396 ] الصبح بركعة ، وقال   ابن المواز     : يوتر بواحدة ويكمل الصبح في الوقت وهو ظاهر الكتاب ، وأما القضاء ، فقال ( ح ) : يجب قضاء الوتر بعد الشمس    ; لأنه واجب عنده و ( ش ) قولان في سائر السنن المؤقتة . 
الثاني في الكتاب : يوتر على الراحلة في السفر حيث توجهت    - وقاله ( ش ) ، خلافا ( ح ) ، قال واجب أن يصلي ركعتين ويوتر على الأرض ، ثم ينتفل على الراحلة ، ولا يعيد وتره بعد التنفل خلافا ( ش ) ، وفي مسلم : " أوتر - عليه السلام - أول الليل ووسطه وآخره ، وانتهى وتره إلى السحر   " ، قال : وإن أوتر قبل العشاء ناسيا أعاده بعدها ، وقاله ( ش ) خلافا ( ح ) . لنا العمل . 
الثالث في الكتاب : إذا دخل في الصبح - ناسيا وتر ليلته  أن يقطعه ويوتر وإن كان مأموما ، وقد كان يرخص في التمادي للمأموم ، حجة القطع : قوله - عليه السلام - فيأبي داود     : " من نام عن وتره فليصله إذا ذكره   " . قال صاحب الاستذكار : ما قال أحد بقطع الصبح إلا  ابن القاسم  ، والصحيح عن  مالك  عدم القطع ، قال  سند     : قال  المغيرة  والباجي     : لا يقطع منفرد ولا غيره ; لأن الفرض لا يقطع إلا للفرض ، وروي في المأموم التخير ، فيكون فيه ثلاثة أقوال ; قال : وإذا قلنا لا يقطع المأموم فيجوز ألا يقطع الإمام مراعاة للجماعة في حقهما ، ويجوز أن يفرق بوجوب الاتباع . 
 [ ص: 397 ] الرابع : قال في الكتاب : لا يقضى الوتر بعد الصبح    ; لقوله - عليه السلام - : " لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس   " . 
الخامس في الكتاب : إذا شك في تشهده هل هو في الشفع أو الوتر  سلم ، وسجد لسهوه ، ثم أوتر ; لأن الأصل بقاء الوتر ، قال  سند     : اختار  عبد الحق  عدم السجود وحمل مسألة الكتاب على من يجوز إضافة الوتر إلى الشفع ، وروي السجود قبل السلام ; لاحتمال كونه في الوتر فيشفعه بالسجود . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					