النظر الثاني ، في الجزء الواجب ، وفي ( الكتاب ) : ما يشرب من السماء أو سحا أو بعلا    : ففيه العشر وما شرب بالسواني بقرب أو أدلية فنصف العشر ، وفي ( الصحاح ) قال عليه السلام : ( فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر ، وفيما سقي بالسواني والنضح نصف العشر   ) ومعناه : أنه متى كثرت المؤنة خفت الزكاة رفقا بالعباد ، ومتى قلت كثرت الزكاة ليزداد الشكر لزيادة النعم ، ونظيره : الزكاة في المعدن ، والخمس في الركاز . 
 [ ص: 83 ] فوائد : سقي السماء : المطر والسح والسيل والعيون والأنهار ، قال  ابن فارس     : وهو العثري ، وقيل العثري : البعلي ، قال  أبو داود     : البعلي : ما يشرب بعروقه ، وأنكره  ابن قتيبة  وقال : هذا لم يوجد ، وليس كذلك ; لأن النخل كذلك ، ويحكى أن في بلاد السودان  أودية يزرعون فيها الذرة السنة كلها من غير سقي ، بل ترشح هي الماء من جوانبها ، والقرب : الدلو الكبير ، والدالية أن تمضي الدابة فيرتفع الدلو فيفرغ ثم ترجع فينزل ، والسانية البعير الذي يسنى عليه أي يستقى قاله  الخطابي     . والنضح : السقي بالجمل ويسمى الجمل الذي يجره ناضحا . ومثله : الدواليب والنواعير ، قال  سند     : وأما حفر الأنهار والسواني وإقامة الجسور لا تأثير لمؤنة ذلك ; لأنه إصلاح الأرض كالحرث فإن اجتمع السيح والنضح واستويا : قال  مالك     : فثلاثة أرباع العشر عدلا بينهما . فإن كان أحدهما أكثر : قال  مالك     : الأقل تبع كالضأن مع المعز . وقال  عبد الوهاب     : يتخرج على الروايتين في تأثير بعض الثمرة هل تكون للمبتاع وإن قل ، أو يكون للبائع تبعا للأكثر ؟ روايتان ، وكذلك ها هنا . وقال  ابن القاسم     : الحكم للذي أحيي به الزرع ; لأن المقصود من الزرع نهايته ، والمحصل للمقصود هو المقصود ، وعلى الأول فحده : الثلث وما قاربه عند  ابن القاسم  ، فإن جهلت المساواة والتفاضل ، جعلا متساويين لتساوي الاحتمال كمدعي السلعة إذا تعدد ولا يد ولا بينة . فإن كان في أرضين ضم أحدهما إلى الآخر في النصاب ، وأخذ من السيح العشر ، والنضح نصف العشر ، ومتى ادعى رب الزرع النضح . صدق إن لم يعلم كذبه . وفي ( الجواهر ) : إذا كان السيح بالكراء ألحقه اللخمي بالنضح . قال صاحب ( تهذيب الطالب ) : إذ عجز عن الماء فاشتراه    : قال  ابن حبيب     : عليه العشر . وقال  عبد الملك بن الحسن :  نصف العشر ، قال : وهو الصواب ; لأن مشقة المال كمشقة البدن . 
 [ ص: 84 ] نظائر : قال  العبادي     : إلحاق الأقل بالأكثر اثنا عشرة مسألة في المذهب : السيح ، والنضح ، والمعز ، والضأن ، يؤخذ من أكثرهما ، والمأخوذ في زكاة الإبل من غالب غنم البلد ضأنا أو ماعزا ، وإذا أدار بعض ماله دون البعض زكى بحكم غالبه ، وزكاة الفطر من غالب عيش البلد ، وبياض المساقاة مع السواد يتبعه إذا كان أقل ، وإذا نبت أكثر الغرس فللغارس الجميع ، وإن نبت الأقل فلا شيء له فيها ، وقيل : له الأقل ، وإذا أطعم أكثر الغرس سقط عنه العمل ، وإذا حد المساقي أكثر الحائط سقط عنه السقي ، وإذا أبر أكثر الحائط فجميعه للبائع ، وإذا حبس على أولاده الصغار ، أو وهب وحاز الأكثر صح الحوز في الجميع ، وإذا استحق الأقل من البيع أو وجد عيبا ، فليس له الرد ، ويرجع بقدره . 
فرعان ، الأول : في ( الكتاب ) : ما لا يثمر ، ولا يتزبب ، يخرص أن لو كان ذلك ممكنا ، فإذا وصل نصابا أخذ عشر ثمنه ، وإن قل عن نصاب النقد ; لأن الأصل مشاركة الفقراء للأعباء فيما يملكونه ، وإن نقص عن النصاب فلا يؤخذ من ثمنه شيء ، وإن زاد على النصاب - وهو فائدة - قال  سند     : وروي عنه : يدفع تمرا أو زبيبا ، وخيره مرة أخرى ، وقال  عبد الملك  و ( ش ) : يؤخذ عشره رطبا وعنبا . وعلى القول الأول : إذا أراد إخراج الزبيب مع   ابن المواز     ; لأنه خلاف الواجب ، فإن أكله أدى قيمته ، رواه  ابن القاسم  وظاهره يوم الإزهاء ، ولا يختلف المذهب إذا قطعت الثمرة قبل الإزهاء ; لأنه لا زكاة فيها ، والمأكول منها لا يحسب في الخرص . 
الثاني : في ( الكتاب ) : إذا جمع النصاب من القمح والشعير والسلت أخذ من كل واحد بحسابه ، وفي ( الجلاب ) : قالابن القاسم     : لا بأس بإخراج الأعلى عن الأدنى بقدر مكيلته بخلاف العكس ; لأن الأصل في هذه أن تكون أجناسا كالذهب والفضة ولما جعلت جنسا كالذهب والفضة روعي حقوق الفقراء في   [ ص: 85 ] خصوصاتها ، وبهذا تفارق أنواع التمر والزبيب ، حيث قلنا يخرج من الوسط ، فإن الجنسين من التمر لا يكادان يستويان ، فأخرج من الوسط ، والاختلاف في النوعين أشد ، ويمكن الإخراج منهما بخلاف النوع الواحد . قال صاحب ( المقدمات ) : إن أراد أن يخرج الأدنى عن الأعلى بقيمته امتنع حيث يمتنع التفاضل ، وجاز حيث جاز ، كالقطامي إذا قلنا : لا يجزئ فيها بالتفاضل ، وعلى القول بجواز دفع العروض والنقد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					