الفصل الرابع : في النفل  والسلب ، وفي ( التنبيهات ) : النفل بفتح الهاء وسكونها : هو الزيادة عن السهم ، ومنه نوافل الصلاة ، وفي ( الكتاب ) : لم يبلغني أن السلب للقاتل كان إلا يوم حنين ، وهو لاجتهاد الإمام ، وقاله ( ح ) ، وقال ( ش ) وابن حنبل : السلب للقاتل    ; لقوله عليه السلام في مسلم : ( من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه   ) وقضى عليه السلام بالسلب في قضية  عوف  وعروة  وغيرهما . 
 ( قاعدة ) : تصرفه يقع تارة بالإمامة ; لأنه الإمام الأعظم ، وبالقضاء ; لأنه القاضي الأحكم ، وبالفتيا ; لأنه المفتي الأعلم فمن تصرفه ما يتعين لأحدها إجماعا ، ومنه ما يتنازع الناس فيه كقوله عليه السلام : ( من أحيا أرضا ميتة فهي له   ) فقال ( ح ) : ذلك من تصرف الإمامة فيتوقف الإحياء على إذن الإمام ، وقلنا نحن بالفتيا فإن غالب أمره تبليغ الرسالة فكذلك ههنا ، وكذلك قوله عليه السلام لهند امرأة  أبي سفيان  لما اشتكت إليه تعذر وصولها إلى   [ ص: 422 ] حقها : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف   ) فاختلف الناس هل إذا ظفر الإنسان بجنس حقه أو بغير جنسه المتعذر هل يأخذه أم لا ؟ قال ( ش ) : هذا تصرف منه بطريق الفتيا ، فلا يحتاج إلى إذن الإمام ، فطرد أصله في الموضعين ، وخالفنا نحن أصلنا ، وكذلك ( ح ) لظاهر قوله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه    ) [ الأنفال 41 ] وهو مقطوع به متواتر ، والحديث خبر واحد وليس أخص من الآية حتى يخصصها لتناوله الغنيمة وغيرها وضعا ، فكلاهما أعم وأخص من وجه ، ويؤكد ذلك ترك  أبي بكر  وعمر     - رضي الله عنهما - ذلك في خلافتهما ؛ ولأن الحديث يستلزم فساد نيات المجاهدين وهم أحوج إلى الإخلاص من الدنيا وما فيها ، وفي ( الكتاب ) : أكره قول الإمام : قاتلوا ولكم كذا ، ومن فعل كذا فله كذا . 
ويكره للأسير أن يقاتل مع الروم عدوهم على أن يخرجوه إلى بلاد الإسلام ، ولا يحل له أن يسفك دمه على مثل هذا ، قال  ابن يونس  ، قال  مالك     : لا يجوز النفل قبل الغنيمة  وهو من الخمس ، قال   سحنون     : وإذا قال ذلك الإمام قبل القتال مضى ، ولو قال : من قتل هذا منكم فله سلبه فقتله الأمير لم يكن له سلبه لإخراجه نفسه بقوله منكم ، ولو قال : إن قتلت قتيلا فلي سلبه فلا شيء له فيمن قتل ، ولو قال : من قتل قتيلا فله سلبه فقتل قتيلين فعندنا يخيره أو يعطيه سلب الأول خاصة ، وعندنا له الأول خاصة فإن الشرط اقتضى العموم في القاتلين والمقتولين دون القتلات فإن جهل الأول فقيل : نصفهما ، وقيل : أقلهما ، قال  محمد     : فإن قتلهما معا فقيل له : سلبهما ، وقيل : أكثرهما ، والفرق : أن الشرط إنما تحقق بهما فليس أحدهما أولى من الآخر بخلاف الأول ، ولا يدخل في العموم سلب من لا يجوز قتله كالمرأة ونحوها إلا أن تقاتل ، وإذا قال الإمام ذلك بعد القتال فلا شيء للذمي ولا للمرأة إلا أن يعلم به الإمام ، خلافا لأهل الشام  في الذمي ،  وأشهب  يرى الإرضاخ للذمي ، وقياس قوله له السلب ، وسوى بين من سمع ، ومن لم يسمع في الشرط . 
 [ ص: 423 ] قال   سحنون     : حلية السيف تبع للسيف ، ولا شيء له في السوار والطوق والعين كلها خلافا لأهل العراق    ; لأنها ليست سلبا غالبا ، ولفظه - عليه السلام - محمول على المعلوم غالبا ، وله الترس والسرج واللجام والخاتم والرمح والسيف والبيضة والمنطقة بحليتها ، والساعد والساق دون الصليب في العنق . 
وإذا قال الإمام : من أصاب ذهبا أو فضة فله الربع بعد الخمس  أمضيناه ، وإذا قال للسرية : ما غنمتم فلكم لم يمض ، وإن كان فيه خلاف ; لأنه شاذ ، وإذا جعل أجرا لبعض السرايا لصعوبة بعض المواضع فلا شيء لمن انتقل إلى غير سريته ، إلا إن لم يعين الإمام ، ولو ضل رجل عن سريته حتى رجعوا لم يكن له شيء بخلاف الغنيمة ، ولو مات الوالي أو عزل قبل أخذهم النفل ، وولي من يرى رأينا لم يكن لها شيء لعدم القبض لم ينتقضوا أمضاه ابن   سحنون  مطلقا . 
				
						
						
