الفصل الخامس : في خبر الواحد .
وهو خبر العدل أو العدول المفيد للظن ، وهو عند مالك رحمه الله ، وعند أصحابه حجة .
واتفقوا على جواز العمل به في الدنيويات ، والفتوى ، والشهادات .
والخلاف إنما هو في كونه حجة في حق المجتهدين ، فالأكثرون على أنه حجة لمبادرة الصحابة رضى الله عنهم إلى العمل به .
ويشترط في المخبر : العقل ، والتكليف ، وإن كان تحمل الصبي صحيحا ، والإسلام ، والضبط .
واختلف في المبتدعة إذا كفرناهم : فعند القاضي أبي بكر منا ، والقاضي عبد الجبار لا تقبل روايتهم . وفصل الإمام فخر الدين ، وأبو الحسين بين من يبيح الكذب وغيره .
والصحابة رضوان الله عليهم عدول إلا عند قيام المعارض . والعدالة : اجتناب الكبائر وبعض الصغائر والإصرار عليها ، والمباحات القادحة في المروءة .
ثم الفاسق : إن كان فسقه مظنونا قبلت روايته بالاتفاق ، وإن كان مقطوعا [ ص: 121 ] به ، قبل الشافعي رواية أرباب الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لتجويزهم الكذب لموافقة مذهبهم ، ومنع القاضي أبو بكر من قبولها .
واختلف العلماء في شارب النبيذ من غير سكر ، فقال الشافعي : أحده وأقبل شهادته بناء على أن فسقه مظنون ، وقال مالك رحمه الله : أحده ، ولا أقبل شهادته ، كأنه قطع بفسقه .
وقال الحنفية : يقبل قول المجهول .
وتثبت العدالة : إما بالاختبار ، أو بالتزكية ، واختلف الناس في اشتراط العدد في التزكية ، والتجريح ، فشرطه بعض المحدثين في التزكية ، والتجريح في الرواية ، والشهادة ، واشترطه القاضي أبو بكر في تزكية الشهادة فقط ، واختاره الإمام فخر الدين .
وقال الشافعي : يشترط إبداء سبب التجريح دون التعديل لاختلاف المذاهب في ذلك ، والعدالة شيء واحد ، وعكس قوم لوقوع الاكتفاء بالظاهر في العدالة دون التجريح ، ونفى ذلك القاضي أبو بكر فيهما .
ويقدم الجرح على التعديل إلا أن يجرحه بقتل إنسان ، فيقول المعدل رأيته حيا ، وقيل يقدم المعدل إذا زاد عدده .


