فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أن مس الفرجين قبلا ودبرا ناقض للوضوء فإنما يتعلق نقض الوضوء بمسه بباطن الكف دون ظاهرها ،  وقال  عطاء   ،  ومالك   ،  وأحمد   إذا مسه بظاهر كفه انتقض وضوءه   كما لو مسه بباطن كفه  ،  وقال  الأوزاعي      : " إذا مسه بأحد أعضاء وضوئه انتقض وضوءه     " واستدل  مالك   وأحمد   بقوله صلى الله عليه وسلم :    " إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ     " وظاهر اليد من اليد ، ولأنه مس فرجه بيده فوجب أن ينقض وضوءه كما لو مس راحته ، وجعل  الأوزاعي   أعضاء الوضوء قياسا على اليد .  
ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم :    " إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ     " .  
قال  الشافعي   رضي الله عنه : والإفضاء لا يكون إلا بباطن الكف .  
ولأن المعنى الذي اختصت به اليد في مسه بنقض الوضوء دون سائر الجسد ، إما أن يكون لحصول اللذة المقتضي إلى نقض الطهر وإما لأن اليد آلة الطعام فخيف تنجسها بآثار الاستنجاء ، وكلا المعنيين مختص بباطن الكف دون ظاهرها كما كان مختصا باليد دون غيرها ، وفيه مع الاستدلال انفصال ، فإذا ثبت اختصاص نقض الوضوء في مس الفرج بباطن الكف دون ظاهره فلا فرق بين بطون الراحة أو بطون الأصابع لاستواء ذلك كله من الالتذاذ بمسه ، فأما مسه بما بين الأصابع فقد اختلف أصحابنا هل يجري مجرى ظاهر الكف أو باطنه على وجهين :  
أحدهما : أنها تجري مجرى باطن الكف وأن الوضوء ينتقض بمس الفرج بها لأنها بباطن الكف أشبه منها بظاهره .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي علي بن أبي هريرة   وحكاه عن  الشافعي   نصا أنها تجري مجرى ظاهر الكف وأنه لا ينقض الوضوء في المس بها لفقدها اللذة منها ،  وكان  أبو الفياض   يقول إن مس ذكره بما بين أصبعيه مستقبلا لعانته بباطن كفه انتقض وضوءه ، وإن كان      [ ص: 198 ] مستقبلا بظاهر كفه لم ينتقض وضوءه مراعاة للأغلب في مقارنة الباطن  وهذا لا وجه له لاستواء المعنى في الحالتين .  
فأما إن مسه بباطن أصبع زائدة في كفه فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :  
أحدهما : لا ينقض الوضوء لأن الزائد نادر فلم يساو حكم المعتاد .  
والوجه الثاني : ينقض الوضوء لأنه من جملة اليد فألحق حكمه به والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					