فصل : وأما الحيوان الطاهر فضربان :  
[ الأول ] : مأكول .  
و [ الثاني ] : غير مأكول . فأما غير المأكول كالبغل ، والحمار والسبع ، والذئب فيطهر جلده بالدباغة ولا يطهر بالذكاة .  
وقال  أبو حنيفة      : يطهر جلده بالذكاة كما يطهر بالدباغة .  
وقال  أبو ثور - إبراهيم بن بشر      - لا يطهر جلده بالدباغ كما لا يطهر بالذكاة ، فأما  أبو حنيفة   فاستدل على طهارة جلده بالذكاة بقوله عليه السلام :    " دباغ الأديم ذكاته     " فأقام الذكاة مقام الدباغة ، وقد ثبت أن جلده بالدباغة يطهر ، فوجب أن يطهر بالذكاة كالمأكول .  
 [ ص: 58 ] قال : ولأن ما طهر جلد المأكول  طهر جلد غير المأكول   كالدباغة .  
ودليلنا هو أن تقويت الروح إذا لم يطهر غير الجلد لم يطهر الجلد كالرمي في المقدور عليه من الحيوان طردا ، وفي غير المقدور عليه عكسا ، ولأنها ذكاة لا تبيح أكل لحمه فوجب أن لا يفيد طهارة جلده كزكاة المجوسي طردا ، أو كزكاة المسلم عكسا ، ولأن التطهير المستفاد بذكاة المأكول ينتفي عن ذكاة غير المأكول كتطهر اللحم .  
وأما الخبر فمعنى قوله عليه السلام : "  دباغ الأديم ذكاته     " ، أي : مطهره أو الذكاة لا تطهر ، لأنها تبقي نجاسة نظرا بالموت لا أنها تبقي نجاسة ثابتة قبل على المأكول فالمعنى في ذكاته أنها أباحت أكل لحمه فأفادت طهارة جلده ، وليس كذلك غير المأكول .  
وأما قياسهم على الدباغة فالمعنى في الدباغة : أنها موضوعة لنفي النجاسة الطارئة بالموت وليس كذلك الذكاة .  
وأما  أبو ثور   فاستدل على أن ما لا يؤكل لحمه لا يطهر جلده بالدباغة بقوله صلى الله عليه وسلم : "  دباغ الأديم ذكاته     " ، فلما لم تعمل الذكاة في غير المأكول لم تعمل فيه الدباغة وبما روي أن      [ ص: 59 ] النبي صلى الله عليه وسلم : "  نهى عن افتراش جلود السباع     " فلو كانت تطهر بالدباغة لم ينه عن افتراشها ، ولأنه حيوان لا يطهر جلده بالذكاة فوجب أن لا يطهر بالدباغة كالكلب ، والخنزير ، ولأن الدباغة أحد ما يطهر به الجلد فوجب أن ينتفي عن غير المأكول كالذكاة .  
ودليلنا عموم قوله عليه السلام :    " أيما أهاب دبغ فقد طهر  ولأنه حيوان طاهر فجاز أن يطهر جلده بالدباغة كالمأكول ، ولأن ما ينفي عن المأكول تنجيس جلده ينفي عن غير المأكول تنجيس جلده كالحياة . وأما الجواب عن الخبر ، فقد تقدم من الفرق بين الدباغة والذكاة ما يوضح الجواب عنه .  
وأما نهيه عن  افتراش جلود السباع   فمحمول على ما قبل الدباغة ، أو على ما بعد الدباغة إذا كان الشعر باقيا ، لأن المقصود منها شعورها كالفهودة والنمورة .  
وأما قياسه على الكلب والخنزير فالمعنى فيه : نجاسة في الحياة ، وأما قياسه على الذكاة فالمعنى في الذكاة : أنها لا مدخل لها في إزالة الأنجاس ، وللدباغة مدخل في إزالة الأنجاس .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					