فصل : فإذا ثبت أن  التيمم مختص بالتراب   دون غيره من سائر المذرورات فقد قال  الشافعي   من كل أرض سبخها ومدرها وبطحائها ، فالسبخة : هي الأرض المالحة التي لا تنبت ، والمدر : هي الأرض ذات التلال والجبال ، والبطحاء فيه تأويلان :  
أحدهما : أنها الأرض القاع الفسيحة .  
والثاني : أنها الأرض الصلبة ، وإذا كان كذلك فلا فرق في  التراب بين عذبه ومالحه   ، وحكي عن  ابن عباس   أنه قال : لا يجوز التيمم إلا بالتراب العذب تراب الحرث ، وبه قال  إسحاق ابن راهويه   تعلقا بقوله تعالى :  فتيمموا صعيدا طيبا   والطيب إنما يستعمل في الطعم دون غيره ، وهذا غير صحيح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم من أرض  المدينة   وهي أرض سبخة وكذلك ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :    " أريت أرضا سبخة "  يعني  المدينة   ، ولأن الطهارة بالماء أغلظ حكما فيها بالتراب فلما لم يقع الفرق في الماء بين عذبه ومالحه وجب ألا يقع الفرق في التراب بين عذبه ومالحه ، فأما تأويله للآية فقد ذهب غيره من أهل التأويل إلى خلافه ، وأن بعضهم تأول قوله : " طيبا " أي حلالا ، وبعضهم تأوله : طاهرا وهو الأشبه .  
				
						
						
