فصل : فأما الركنان الآخران اللذان بين الحجر الأسود ، وهما  العراقي والشامي   فليس من السنة أن يستلمها بل يمر بهما .  وحكي عن  عبد الله بن الزبير      : أنه كان يستلم الأركان كلها ، وقال لا ينبغي  لبيت الله   أن يكون شيء منه مهجورا ؟  والدلالة على أن ليس ذلك منه ، ما رواه  نافع   عن  ابن عمر   قال :  ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم إلا هذين الركنين ، يعني  اليماني   والحجر ، فما تركتهما منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة ولا رخاء  ولأن الركن الأسود  واليماني   بنيا على قواعد  إبراهيم   ، فاختصا بالاستلام ، وليس ذلك كذلك العراقي والشامي .  
وقال  الشافعي      : وليس ترك استلامها دليلا على أن منهما مهجورا ، وكيف يهجر ما يطاف به لو كان ترك استلامها مهجورا هجرانا لهما ، كان ترك استلام ما بين الأركان هجرانا لها ، فأما تقبيل  اليماني   ، فلم ترد به السنة ، فإن قيل : لما استويا في الاستلام ، فهلا استويا في التقبيل .  
قيل : السنة فرقت بينهما بتقبيل النبي صلى الله عليه وسلم لأحدهما على أن الركن الأسود أشرف ، لأن ابتداء الطواف منه ، ولأن الحجر الأسود فيه ، وقد روى  عبد الله بن عمرو بن العاص   قال : أشهد بالله ثلاثا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "  إن الحجر والمقام      [ ص: 138 ] ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما ولولا ذلك لأضاء نورهما ما بين المشرق والمغرب     . وروى الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  الركن الأسود نور من أنوار الجنة وما من أحد يدعو الله عز وجل إلا استجيب له     .  
				
						
						
