فصل : فأما إذا  شرط مع الإحرام الإحلال بالمرض   ، وهو أن يقول في إحرامه : إن حبسني مرض ، أو انقطعت في نفقة ، أو عاقني عائق من ضلال طريق أو خطأ في عدو ، تحللت ، فقد ذهب  الشافعي   في القديم إلى انعقاد هذا الشرط ، وجواز الإحلال به ، كحديث   ضباعة بنت الزبير  ، وعلق القول في الجديد على صحة حديث ضباعة : لأنه رواه مرسلا ، ورواه مسندا ، وروى مثله موقوفا ، فأما المرسل فهو ما رواه  الشافعي   عن  سفيان   عن  هشام بن عروة   عن أبيه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر   بضباعة بنت الزبير  ، فقال لها : أتريدين الحج ، فقالت : إني شاكية ، فقال : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني  ، وأما المسند فرواه  الشافعي   عن  عبد الله بن الحرث   عن  ابن جريج   عن  ابن الزبير   عن  طاوس   وعكرمة   عن  ابن      [ ص: 360 ] عباس   قال :  قالت   ضباعة بنت الزبير     : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني امرأة ثقيلة ، وإني أريد الحج ، فقال : أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني     .  
وأما الموقوف فرواه  الشافعي   عن  سفيان   عن  هشام بن عروة   عن أبيه قال :  قالت لي  عائشة  رضي الله عنها : هل تستثني إذا حججت ؟ قلت لها : ماذا أقول ؟ فقالت : قل اللهم الحج أردت ، وله عمدت ، فإن يسرته لي فهو الحج ، وإن حبسني حابس فهي عمرة  ، فاختلف أصحابنا ، فكان بعضهم يخرج  انعقاد الشرط وجواز الإحلال   به ، على قولين :  
أحدهما : أنه منعقد به ، والعمل به جائز : لما روي فيه من الأخبار .  
والقول الثاني : أنه غير منعقد ، والعمل به غير جائز ؛ لقول الله تعالى :  وأتموا الحج والعمرة لله      [ البقرة : 196 ] ، وقال آخرون من أصحابنا : الشرط منعقد قولا واحدا : لأنه في الجديد توقف عن العمل به : لأجل الحديث وصحته ، أو قد صححه أصحاب الحديث ، فلذلك انعقد الشرط قولا واحدا ، وجاز العمل به ، فعلى هذا لا ينعقد الشرط حتى يكون مقترنا بإحرامه ، فإن  شرط قبل إحرامه أو بعده   لم ينعقد الشرط ، وإن كان  الشرط مقترنا بإحرامه   ، فعلى ضربين :  
أحدهما : أن يكون فيه غرض صحيح .  
والثاني : أن لا يكون فيه غرض صحيح .  
فإن كان فيه غرض صحيح ، وهو أن يقول : إن حبسني مرض ، أو انقطعت بي نفقة ، أحللت ، أو أنا حلال ، أو يشترط فيقول : إن أخطأت العدد ، أو ضللت عن الطريق ، أو عاقني عائق ، ففاتني الحج ، كان حجي عمرة ، فهذه الشروط كلها منعقدة : لما فيها من الغرض الصحيح ، وإن لم يكن في الشروط غرض صحيح ، مثل قوله : أنا محرم بحج ، فإن أحببت الخروج منه خرجت ، وإن لم يساعدني زيد قعدت ، فهذا وما أشبهه من الشروط فاسدة ، لا تنعقد ، ولا يجوز الإحلال بها .  
				
						
						
