مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله تعالى : " وقال صلى الله عليه وسلم :    " لا بيع على بيع بعض "     ( قال  الشافعي      ) : وبين في معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن  يبيع على بيع أخيه   أن يتواجبا السلعة ، فيكون المشتري مغتبطا أو غير نادم ، فيأتيه رجل قبل أن يتفرقا فيعرض عليه مثل سلعته أو خيرا منها بأقل من الثمن ، فيفسخ بيع صاحبه بأن له الخيار قبل التفرق ، فيكون هذا إفسادا ، وقد عصى الله إذا كان بالحديث عالما ، والبيع فيه لازم " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح .  
وروى  الشافعي   عن  مالك ،   عن  نافع ،   عن  ابن عمر ،   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :    " لا يبيع بعضكم على بيع بعض "     .  
وروى  الشافعي ،   عن  سفيان ،   عن  الزهري ،   عن  ابن المسيب ،   عن  أبي هريرة   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :    " لا يبع الرجل على بيع أخيه "     .  
والمراد بهذا النهي ما وصفه  الشافعي      : وهو أن  يبيع الرجل السلعة ، ولا يفترقان حتى يأتي رجل آخر فيعرض على المشتري مثل تلك السلعة بأرخص من ثمنها ،   أو يعرض عليه      [ ص: 344 ] خيرا منها بمثل ثمنها ليفسخ على الأول بيعه . فهذا هو المقصود بالنهي ، وهو حرام : لما فيه من الفساد والإضرار ، فإن فعل فقد عصى إن علم بالنهي ، وبيعه ماض سواء فسخ المشتري بيع الأول ، أو لم يفسخ .  
هذا المعنى أن  يشتري الرجل على شراء أخيه      .  
روي - وإن لم أجده مسندا - أن النبي صلى الله عليه وسلم  نهى أن يشتري الرجل على شراء أخيه     .  
وصورة ذلك : أن  يشتري الرجل سلعة ولا يفارق بائعها حتى يأتي رجل ويشتريها من بائعها بأكثر من ذلك الثمن ،   فهو أيضا حرام : لأجل النهي عنه إن كان صحيحا ، ولأنه في معنى ما صح من نهيه عن  بيع الرجل على بيع أخيه ،   ولما فيه من الضرر والفساد بين المتبايعين الأولين .  
فإن فعل واشترى فقد أثم وعصى ، والشراء جائز : لأن فسخ البيع الأول في المجلس جائز .  
وفي معنى هذين أن  يشتري الرجل سلعة ، ولا يفارق بائعها حتى يأتي رجل يربح المشتري في ثمنها ،   فهو أيضا مكروه : لأنه يؤدي إلى أن يفسخ البائع على المشتري بيعه طمعا فيما بذل له من الربح ، فصار في معنى بيع الرجل على بيع أخيه ، وشراء الرجل على شراء أخيه . ولكن لا بأس أن يربحه في ثمنها بعد الافتراق : لأن البيع قد لزم فلا يقدر البائع على فسخ البيع إلا أن يشترطا خيار الثلاث فيمنع هذا الراغب من بذل الزيادة حتى تنقضي مدة الخيار . والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					