مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولا غاية لحبسه أكثر من الكشف عنه ، فمتى استقر عند الحاكم ما وصفت لم يكن له حبسه ولا يغفل المسألة عنه " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال ،  إذا حبس المفلس لغرمائه لعدم البينة بعسرته   استكشف الحاكم أمره ولم يجز أن يعقله ، وقال  مالك      : يجب أن يعقله حتى تقوم البينة بعسرته ولا يجوز أن يتولى الحاكم الكشف عن حاله لأن ذلك ميل وإسقاط الحق ، وهذا ليس بصحيح ، لأن الحاكم لا يلزمه استيفاء الحق ، بل يلزمه رفع الظلم ، وحبس المفلس إن كان معسرا ظلم والمحبوس لا يقدر على إقامة البينة ، فلزم الحاكم أن يتولى الكشف عن حاله ليقر الحق مقره ، وإذا كان كذلك فمتى قامت عنده البينة بإعساره بعد الكشف عن حاله وجب إطلاقه في الحال من غير أن ينتظر به بقضي مدة ، وقال  أبو حنيفة   فيما رواه  محمد   عنه : يحبس ستة أشهر ثم يخلى ، وروى  الحسن بن زياد      : أنه يحبس أربعة أشهر ثم يخلى ، وروى غيرهما : أنه يحبس أربعين يوما ثم يخلى ، وكل هذا فاسد لقوله تعالى :  وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة      [ البقرة : 280 ] ولأن كل موضع دلت البينة على صدق المدعي لم يجز تأخيرها عن تأخير الحكم بها كسائر الدعاوي ، ولأنه لما كان قيام البينة بعسرته قبل الحبس توجب تركه في الحال كذلك بعد الحبس ، فإذا ثبت أنه يطلق في الحال عند قيام البينة بعسرته فإن الحاكم      [ ص: 337 ] يحلفه لجواز أن يكون له مال ، فإن حلف أطلقه ، وإن نكل فعلى وجهين حكاهما  ابن أبي هريرة      :  
أحدهما : يطلقه بالبينة التي هي ظاهر حاله .  
والوجه الثاني : أن يترك محبوسا حتى يحلف ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					