فصل : إذا  ترك الرجل الدابة أو البعير حسرا في الصحراء لعجزه عن السير وعجز المالك عن حمله ، أو المقام عليه ، فمر به رجل فأحياه بمقامه عليه ومراعاته   حتى عاد إلى حاله في السير والعمل ، فقد اختلف الفقهاء في حكمه : فحكي عن  الليث بن سعد   والحسن بن صالح   أنه يكون لآخذه ومحييه دون تاركه ، إلا أن يكون تاركه تركه ليعود إليه ، فيكون التارك أحق به . وقال  أحمد بن حنبل   وإسحاق بن راهويه      : إن آخذه المحيي له أحق من تاركه بكل حال ، سواء تركه ليعود إليه أم لا .  
وقال  مالك      : هو على ملك تاركه دون آخذه ، لكن لآخذه الرجوع بما أنفق . ومذهب  الشافعي      - رضي الله عنه - أنه على ملك تاركه وليس لواجده الرجوع بنفقته : لقوله - صلى الله عليه وسلم - :  لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه  ، ولأنه لو عالج عبدا قد أشرف على الهلاك بالمرض حتى ولو استنقذ مالا من غرق أو حريق لم يملكه ، فكذا البهيمة .  
وحكي عن  الحسن البصري   أن من أخرج متاعا قد غرق من البحر فقد ملكه على صاحبه . وهذا شاذ من القول مدفوع بالخبر والإجماع ، ولكن لو وجد في البحر قطعة عنبر في الموضع الذي يجوز أن يوجد فيه ، كانت ملكا لواجدها في البر كانت لقطة ، لعلمنا بحصول اليد عليها قبله ، إلا أن يكون على الساحل نضب الماء عنها ، فتكون ملكا لواجدها : لجواز أن يكون الماء قد ألقاها حين نضب ، وهكذا لو  صاد سمكة من البحر فوجد في جوفها قطعة عنبر   كانت للصياد إذا كان بحرا قد يجوز أن يوجد فيه العنبر ، فأما الأنهار وما لا يكون من البحار فإنها تكون لقطة ، وهكذا الياقوت والمرجان إلا أن يكون مصنوعا أو مثقوبا فيكون لقطة ، فأما اللؤلؤ فلا يكون في البحر إلا مع صدفه ، فإن وجد فيه كان ملكا لواجده ، وإن وجد خارجا عن صدفه كان لقطة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					