مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى - : " وللبنت النصف وللبنتين فصاعدا الثلثان " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال ، أما  البنت الواحدة إذا انفردت   ففرضها النصف بنص الكتاب ، قال الله تعالى :  وإن كانت واحدة فلها النصف      [ النساء : 11 ] ، فإن كن اثنتين فصاعدا ففرضها الثلثان ، وبه قال جمهور الصحابة - رضي الله عنهم - وسائر الفقهاء ،  وقال  عبد الله بن عباس   في رواية عنه شاذة : إن فرض البنتين النصف كالواحدة وفرض الثلاث فصاعدا الثلثان استدلالا بقوله تعالى :  يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك      [ النساء 11 ] ، فجعل الثلثين فرضا لمن زاد على الاثنين ، والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور وهو مروي عنه أيضا أن الله تعالى صرح في الأخوات بأن فرض الاثنتين فصاعدا الثلثان ، وقال في البنات :  فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك      [ النساء 11 ] فاحتمل أن يكون هذا العمل محمولا على ذلك التصريح المقيد في الأخوات ، واحتمل أن يكون بخلافه على ما حكي عن  ابن عباس   ، فكان حمله على الوجهين الأولين أولى من حمله على ما قال  ابن عباس   لأمرين ترجيح واستدلال .  
أحدهما : أنه لما استوى فرض البنت والأخت في النصف اقتضى أن يستوي فرض البنتين والأختين .  
والثاني : أن البنات أقوى في الميراث من الأخوات ، لأنهن يرثن مع من يسقط الأخوات ، فلم يجز أن يكون فرض الأختين مع ضعفهن الثلثين ، ويكون  فرض البنتين   مع قوتهن النصف ، وليس يمنع أن يكون قوله ( فوق ) صلة زائدة كما قال تعالى :  فاضربوا فوق الأعناق      [ الأنفال 12 ] ، ثم يدل على ذلك من طريق السنة ما رواه  عبد الله بن محمد بن عقيل   عن  جابر بن عبد الله      :  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى بنتي  سعد بن الربيع   مع أمهما وعمهما الثلثين والأم الثمن والباقي للعم  ، وهذا نص ، وقد روينا الخبر بكماله في صدر الكتاب ، ولأنه لما كان فرض البنت الواحدة مع بنت الابن الثلثين النصف والسدس ، فلأن يكون الثلثان فرض البنتين أولى .  
				
						
						
