فصل : وأما  الوصية لمسجد أو رباط أو قنطرة   فجائزة ، وتصرف في عمارته : لأنه لما انتفى الملك عن هذا كله توجهت الوصية إلى مصالحهم .  
وأما  الوصية للبيع والكنائس   فباطلة : لأنها مجمع معاصيهم ، وكذلك الوصية  بكتب التوراة والإنجيل ، لتبديلها وتغييرها   ، وسواء كان الموصي مسلما أو كافرا ، وأجازها  أبو حنيفة   من الكافر دون المسلم ، كما أجاز وصيته بالخمر والخنزير .  
وهذا فاسد لقوله تعالى :  وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم      [ المائدة : 49 ] .  
وأما الفصل الثالث : في  الموصى به      .  
فهو كل ما جاز الانتفاع به من مال ومنفعة ، جازت الوصية به ، وسواء كان المال عينا أو دينا حاضرا ، أو غائبا معلوما أو مجهولا مشاعا أو مفرزا .  
ولا تجوز  الوصية بما لا يجوز الانتفاع به   من عين أو منفعة ، كالخمر والخنزير والكلب غير المعلم .  
وهو مقدر بالثلث ، وليس للموصي الزيادة عليه : لقوله - صلى الله عليه وسلم -  لسعد      :  الثلث ، والثلث كثير     .  
وأولى الأمرين به أن يعتبر حال ورثته ، فإن كانوا فقراء ، كان النقصان من الثلث أولى من استيعاب الثلث .  
وقد روي  عن  علي      - عليه السلام - أنه قال : " لأن أوصي بالسدس أحب إلي من أن أوصي بالربع ، والربع أحب إلي من الثلث "     .  
وإن كان ورثته أغنياء وكان في ماله سعة ، فاستيفاء الثلث أولى به .  
وقد روي  عن  عمر بن الخطاب      - رضي الله عنه - أنه قال : " الثلث وسط ، لا بخس فيه ولا شطط "     .  
ولو استوعب الثلث من قليل المال وكثيره مع فقر الورثة ، وغناهم ، وصغرهم ، وكبرهم ، كانت وصية ممضاة به .  
وأما الزيادة على الثلث فهو ممنوع منها في قليل المال وكثيره : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منعسعدا   من الزيادة عليه وقال :  الثلث ، والثلث كثير     .  
فإن  وصى بأكثر من الثلث أو بجميع ماله   ، نظر :      [ ص: 195 ] فإن كان له وارث ، كانت الوصية موقوفة على إجازته ورده ، فإن ردها رجعت الوصية إلى الثلث ، وإن أجازها صحت ، ثم فيها قولان :  
أحدهما : أن إجازة الورثة ابتداء عطية منهم ، لا تتم إلا بالقبض ، وله الرجوع فيها ما لم يقبض ، وإن مات قبل القبض بطلت كالهبة .  
والقول الثاني : إجازة الورثة إمضاء لفعل الموصي ، فلا تفتقر إلى قبض ، وتتم بإجازة الوارث ، وقبول الموصى له ، ليس الرجوع بعد الإجازة ، ولا تبطل الوصية بموته بعد إجازته وقبل إقباضه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					