فصل : فإذا قبل الوديعة كان قبولها من العقود الجائزة له المقام عليها والرجوع فيها وليس عليه إذا قبلها معرفة ما فيها ، بل يجوز أن يستودعها وهو لا يعلم ما فيها ، بخلاف اللقطة التي يلزمه معرفتها لما يلزمه من تعريفها ، ثم عليه القيام بحفظها في حرز مثلها ، فإن فرط كان ضامنا وإن لم يفرط ، فلا ضمان عليه .  
وحكي عن  أحمد بن حنبل   وإسحاق ابن راهويه   أن المستودع إن اتهم في الوديعة ضمنها ، استدلالا بما  روي أن رجلا أودع عند  أنس بن مالك   ستة آلاف درهم ، فسرقت من بين ماله ، فتخاصما إلى  عمر   فقال : هل أخذ معها من ثيابك شيء ؟ قال : لا ، قال : عليك الغرامة  ،  فروي أن  أنس بن مالك   قال  لابن سيرين   وقد حمل معه رجل متاعا إلى  البصرة      : يا  أنس   ، احفظه كيلا تغرمه كما غرمني  عمر   ، وهذا قول شاذ واضح الفساد ، لرواية  المثنى بن الصباح   عن  عمرو بن شعيب   عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  ليس على المستودع ضمان     .  
وروي أن رجلا أودع عند  جابر   وديعة فتلفت ، فتحاكما إلى  أبي بكر   ، فقال : ليس على المؤتمن ضمان     . وهو قول منتشر في الصحابة لا يعرف بينهم فيه تنازع ، ولأن تضمين الوديعة يخرج عن حكم التعاون وعقود الإرفاق ، فأما  أنس   فإنما ضمنه  عمر   لتفريطه ، فقد قيل : إنه دفعها إلى خادمه وإلا فقد حرم الله تعالى صحابة نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن أن تتوجه إليهم تهمة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					