مسألة : قال  الشافعي      : " وأزواجه أمهاتهم قال : أمهاتهم في معنى دون معنى ، وذلك أنه      [ ص: 19 ] لا يحل نكاحهن بحال ، ولم تحرم بنات لو كن لهن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد زوج بناته وهن أخوات المؤمنين " .  
قال  الماوردي      : وهذا  مما خص الله تعالى به رسوله من الكرامة ، وخص به أزواجه من الفضيلة أن جعلهن أمهات المؤمنين   ، فقال عز وجل :  وأزواجه أمهاتهم      [ الأحزاب : 6 ] يعني اللاتي مات عنهن ، وهن تسع ، فيجري عليهن أحكام الأمهات في شيئين متفق عليهما ، وثالث مختلف فيه ، أحد الشيئين : تعظيم حقهن والاعتراف بفضلهن ، كما يلزم تعظيم حقوق الأمهات ، ولقوله تعالى :  لستن كأحد من النساء      [ الأحزاب : 32 ] .  
والثاني : تحريم نكاحهن حتى لا يحللن لأحد بعده من الخلق ، كما يحرم نكاح الأمهات : لقوله تعالى :  وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا      [ الأحزاب : 53 ] وسبب نزول هذه الآية  ما حكاه  السدي   أن رجلا من  قريش   قال عند نزول آية الحجاب : أيحجبنا رسول الله عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا ، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده . فنزلت هذه الآية     : ولأن حكم نكاحهن لا ينقضي بموته لكونهن أزواجه في الآخرة ، فوجب أن يكون تحريمهن بعد موته كتحريمهن في حياته .  
فأما الحكم الثالث : اختلف فيه فهو المحرم هل يصرن كالأمهات في المحرم حتى لا يحرم النظر إليهن على وجهين :  
أحدهما : لا يحرم النظر إليهن لتحريمهن كالأمهات نسبا ورضاعا .  
والوجه الثاني : يحرم النظر إليهن حفظا لحرمة رسوله فيهن ، وقد  كانت  عائشة  إذا أرادت دخول رجل عليها أمرت أختها  أسماء  أن ترضعه حتى يصير ابن أختها : فيصير محرما لها  ، ولا يجري عليهن أحكام الأمهات في النفقة بالميراث : فلهذا قال  الشافعي      : " أمهاتهم في معنى دون معنى " وإذا كن أمهات المؤمنين ففي كونهن أمهات المؤمنين وجهان :  
أحدهما : أنهن أمهات المؤمنين والمؤمنات تعظيما لحقهن على الرجال والنساء .  
والوجه الثاني : أن حكم التحريم مختص بالرجال دون النساء ، فكن أمهات المؤمنين دون المؤمنات ، وقد روى  الشعبي   عن  مسروق   عن  عائشة     : أن امرأة قالت لها : يا أمه ، فقالت : لست لك بأم ، وإنما أنا أم رجالكم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					