مسألة : قال  الشافعي      : " ولو كانت صغيرة ثيبا أصيبت بنكاح أو غيره ، فلا تزوج إلا بإذنها " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح . والنساء ضربان : أبكار ، وثيب .  
فأما الأبكار : فقد مضى حكمهن ، وسنذكره من بعد .  
وأما الثيب فضربان : عاقلة ، ومجنونة .  
فأما العاقلة فضربان : صغيرة ، وكبيرة .  
فأما  الكبيرة : فلا يجوز إجبارها ، ولا تزويجها إلا باختيارها   ، وعن إذنها سواء كان وليها أبا أو عصبة ، وإذنها النطق الصريح ، وهذا متفق عليه .  
وأما  الثيب الصغيرة      : فليس لأحد من أوليائها - أبا كان أو غيره - أن يزوجها إلا بعد بلوغها وإذنها ، فإن زوجها قبل البلوغ بإذن أو بغير إذن ، كان النكاح باطلا .  
وقال  أبو حنيفة      : يجوز أن يزوجها جميع أوليائها قبل البلوغ ، فإن زوجها أبوها ، فلا خيار لها إذا بلغت ، وإن زوجها غير أبيها من العصبات ، كانت بالخيار إذا بلغت بين المقام والفسخ .  
وقال  أبو يوسف      : لا خيار لها في تزويج العصبات ، كما لم يكن لها الخيار في تزويج الأب ، واستدلوا على جواز تزويجها قبل البلوغ بعموم قوله تعالى :  وأنكحوا الأيامى منكم      [ النور : 32 ] ولأن كل من ثبتت عليه الولاية في ماله جاز إجباره على النكاح كالبكر الصغيرة وكالغلام ، ولأن لها منفعتين : استخدام ، واستمتاع ، فلما كان لولي العقد على استخدام منفعتها بالإجازة ، جاز له العقد على منفعة الاستمتاع بها بالنكاح .  
وتحريره : أنها إحدى منفعتيها ، فجاز العقد عليها قبل بلوغها كالإجازة .  
 [ ص: 67 ] ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم :  الثيب أحق بنفسها من وليها  فلم يكن له إجبارها : لأنه يصير أحق بها من نفسها ، وقال صلى الله عليه وسلم :    " ليس للولي مع الثيب أمر "  فكان على عمومه في الصغيرة والكبيرة : ولأن كل صفة خرج بها الولي عن كمال الولاية قبل البلوغ قياسا على عتق الأمة ، لما كان حدوثه بعد البلوغ مانعا من إجبارها على النكاح ، كان حدوثه قبل البلوغ مانعا من إجبارها وعليه ، ولأنها حرة سليمة ذهبت عدتها بجماع ، فلم يجز إجبارها على النكاح كالكبيرة .  
فأما الآية إن حملت على الأولياء فمخصوصة بما ذكرنا .  
وأما قياسهم على البكر والغلام اعتبارا بالولاية على المال ، فلا يجوز اعتبار الولاية بالولاية على النكاح : لأن ولاية المال أوسع لثبوتها للوصي الذي لا ولاية له على النكاح ، ثم المعنى في البكر والغلام ، أنه لما لم يثبت لهما خيار جاز إجبارهم ، وليس كالثيب لثبوت الخيار لها عندهم ، وأما استدلالهم بمنفعة الاستخدام ، فالفرق بينهما وبين الاستمتاع : أن مدة الاستخدام مقررة بأمد ينقضي يصل إلى مثل ذلك العقد بعد بلوغها ، ومدة الاستمتاع مؤيدة ، وهي لا تصل إلى مثل ذلك العقد بعد بلوغها ، فافترقا .  
				
						
						
