مسألة : قال  الشافعي      : " ولا يرجع بها على الذي غره ، إلا بعد أن يغرمها ، فإن كان الزوج عبدا فولده أحرار : لأنه تزوج على أنهم أحرار ولا مهر لها عليه حتى بعتق ( قال  المزني      ) : وقيمة الولد في معناه ، وهذا يدل على أن لا غرم على من شهد على رجل بقتل خطأ أو بعتق حتى يغرم للمشهود له ( قال  الشافعي      ) رحمه الله ، وإن كانت هي الغارة رجع عليها به إذا أعتقت " .  
قال  الماوردي      : فذكرنا أن  الزوج يرجع بما غرمه من قيمته على الولد   قولا واحدا ، وفي رجوعه بما غرمه من مهر المثل دون المسمى قولان ، ورجوعه بذلك إنما يكون على من غره بعد غرمه فأما قبله فلا رجوع له : لأنه لم يغرم ما يرجع به ، وقد يجوز أن يبرأ منه فلا يرجع به .  
 [ ص: 353 ] قال  المزني      : هذا يدل على أن  من شهد على رجل بقتل خطأ ، ثم رجع الشهود   لم يلزمهم غرم الدية إلا بعد أن يغرمها العاقلة ، فيرجع بها حينئذ على الشهود ، وهذا صحيح : لأنه قبل الغرم قد يجوز أن يبرأ العاقلة ، فلا يستحق الرجوع ، فإذا غرم الزوج ذلك لم يصح أن ينسب الغرور إلى السيد : لأنها تعتق عليه بقوله هي حرة ، فلا يكون غارا ، وإنما يصح أن يكون الغرور إما منها أو من وكيله في نكاحها ، أو منهما معا ، فإن تفرد الوكيل بغرور الزوج رجع عليه بقيمة الولد ومهر المثل في الحال إن كان موسرا ، وانظر إلى ميسرته إن كان معسرا ،  وإن تفردت الأمة بالغرور   يرجع الزوج عليها بقيمة الولد ، وبجميع مهر المثل ولا يترك عليها شيئا منه : لأنه قد غرم جميعه للسيد ، فلم يصر بضعها مستهلكا بغير مهر ، وكان ذلك في ذمتها لأنها أمة تؤديه إذا أيسرت بعد العتق .  
فإن قيل : فهلا كان ذلك في رقبتها تباع فيه كالعبد إذا نكح بغير إذن سيده ، ولزمه المهر بإصابته كان في رقبته على أحد القولين ؟  
قيل : الفرق بينهما : إن الرقبة لا يتعلق بها إلا جناية ، ووطء العبد جناية توجب الغرم ، فجاز أن يتعلق برقبته ، وليس غرور الأمة جناية ، ولا الغرم بها يتعلق ، وإنما تعلق بوطء الزوج ، فلم يجز أن يتعلق برقبتها ، وإن اشترك الوكيل والأمة في الغرور كان غرم المهر وقيمة الأولاد بينهما نصفين : لاستوائهما في الغرور ، لكن ما وجب على الوكيل من نصف الغرم يؤخذ به معجلا : لأنه حر ، وما وجب على الأمة من نصف الغرم تؤخذ به إذا أيسرت بعد العتق .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					