فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من جواز  الرجعة بعد الطلاق   فإن  استباحة البضع بعد تحريمه بالطلاق   بغير عقد نكاح على ما سنصفه من حلالها وجوازها معا معتبر بأربعة شروط :  
 [ ص: 303 ] أحدها : أن  يكون الطلاق دون الثلاث ،   فإن كان ثلاثا حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ، وسواء جمع بين الثلاث أو فرقها قبل الدخول كانت أو بعده . قال الله تعالى :  فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره      [ البقرة 230 ] .  
والشرط الثاني : أن  يكون الطلاق بعد الدخول   فإن كان قبله فلا رجعة ، لأنه لا عدة على غير المدخول بها ، والرجعة تملك في العدة .  
قال الله تعالى :  ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها      [ الأحزاب : 49 ] .  
والشرط الثالث : أن  يكون الطلاق بغير عوض ،   فإن كان خلعا بعوض ، فلا رجعة فيه لما ذكرناه في كتاب الخلع .  
والشرط الرابع : أن  تكون باقية في عدتها ،   فإن انقضت العدة فلا رجعة .  
قال الله تعالى :  فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف      [ الطلاق : 2 ] . والمراد به مقاربة الأجل ، لأن حقيقة الأجل ، وإن كان لانقضاء المدة كما قال :  فإذا بلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن      [ البقرة : 232 ] . يريد به انقضاء عدتهن فقد يجوز أن يراد به مجازا أن يقارب انقضاء العدة كالذي قاله هاهنا ، وهو معنى قول  الشافعي ،   فدل سياق الكلامين على افتراق البلوغين .  
فإن قيل . فلم خص الرجعة بمقاربة الأجل وعند انقضاء العدة ؟ وهي تجوز في أول العدة ، كما تجوز في آخرها . وهي في أولها أولى .  
قيل عنه جوابان :  
أحدهما : التنبيه على أنها إذا جازت في آخر العدة كانت بالجواز في أولها أولى .  
والثاني : ليدل على صحة  الرجعة في حالة الإضرار بها ،   وهو أن تنتظر بها آخر العدة ، ثم يراجعها ثم يطلقها بعد الرجعة فلا تكون هذه الرجعة من الإمساك بالمعروف ، وقد قال تعالى :  ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا      [ البقرة : 231 ] . ثم قد صحت الرجعة في هذه الحال مع قصد الإضرار فكان صحتها بالمعروف إذا لم يقصد الإضرار أولى فإذا صحت بهذه الشروط الأربعة فهي جائزة وليست بواجبة ، وأوجبها ملكا في طلاق البدعة وقد مضى الكلام معه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					