مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولو  راجعها ثم طلقها قبل أن يمسها   ففيها قولان : أحدهما تعتد من الطلاق الأخير وهو قول  ابن جريج   وعبد الكريم   وطاوس   والحسن بن مسلم   ، ومن قال هذا انبغى أن يقول رجعته مخالفة لنكاحه إياها ، ثم يطلقها قبل أن يمسها لم تعتد فكذلك لا تعتد من طلاق أحدثه ، وإن كانت رجعة إذا لم يمسها ( قال  المزني      ) رحمه الله : المعنى الأول أولى بالحق عندي ؛ لأنه إذا ارتجعها سقطت عدتها وصارت في معناها القديم بالعقد الأول لا بنكاح مستقبل فإنما طلق امرأة مدخولا بها في غير عدة فهو في معنى من ابتدأ طلاقه ( قال المزني      ) رحمه الله : ولو لم يرتجعها حتى طلقها فإنها تبني على عدتها من أول طلاقها ؛ لأن تلك العدة لم تبطل حتى طلق وإنما زادها طلاقا وهي معتدة بإجماع فلا تبطل ما أجمع عليه من عدة قائمة إلا بإجماع مثله أو قياس على نظيره " . قال  الماوردي      : قد مضت هذه المسألة وذكرنا أن المعتدة من طلاق رجعي إذا راجعها زوجها ، ثم طلقها لم يخل الطلاق الثاني من أن يكون بعد الوطء أو قبله فإن كان بعد أن وطئها في رجعته ، فقد بطل بالوطء ما تقدم من العدة ، وعليه إذا طلق أن يستأنف العدة من الطلاق الثاني ، وهذا متفق عليه ،  وإن لم يطأ بعد الرجعة حتى طلق فلا يختلف المذهب أن الرجعة قد قطعت عدة الطلاق الأول   ، وهي فيما بين الرجعة والطلاق الثاني غير معتدة . وقال  مالك      : لا ينقطع عدتها بالرجعة حتى يطأ ، وهذا خطأ ؛ لأن الرجعة إباحة ، والعدة حظر ، وهما ضدان فلا يجتمعان ، وإذا لم يجتمعا فالإباحة ثابتة ، وبطل حكم الحظر لأجل العدة ؛ ولأن هذا الذي قاله  مالك   مفض إلى أن تبين منه بعد رجعتها إذا      [ ص: 314 ] أخر الإصابة إلى انقضاء عدتها فيصير سراية الطلاق مبطلا لحكم الرجعة ، والمستقر من حكم الرجعة أن تبطل سراية الطلاق فصار عكسا فبطل قوله ، فإذا وقع الطلاق الثاني فهل تستأنف له العدة أو تبني على عدة الطلاق الأول ؟ فيه قولان : أحدهما : تبني على عدة الطلاق الأول . وبه قال  مالك      : والقول الثاني : إنها تستأنف العدة من الطلاق الثاني ، ولا تبني على عدة الطلاق الأول ، وسواء كان الطلاق الثاني بائنا أو رجعيا . وبه قال  أبو حنيفة   ، واختاره  المزني   ، وقد مضى توجيه القولين لكن احتج  المزني   لما اختاره من استئناف العدة بأمرين : أحدهما : أن الرجعة لما انقطعت بها سراءة العدة وجب أن يبطل بها ما تقدم من العدة كالوطء ، وهذا فاسد بالمختلعة إذا نكحها في العدة ثم طلقها ؛ لأن النكاح قطع العدة ، ولم يبطلها ، والطلاق فيه موجب للبناء دون الاستئناف . والثاني : أن الرجعة لما رفعت تحريم الطلاق رفعت عدة تحريمه وصارت بمثابة من لم تطلق ، فإذا طلقت من بعد استأنفت العدة ، وهذا فاسد ؛ لأنها قطعت التحريم ولم يرفع ما تقدم ، فكذلك العدة تنقطع بالرجعة ولا ترفع ما تقدم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					