مسألة : قال  الشافعي   ، رضي الله عنه : " ومن ذكر صلاة وهو في أخرى أتمها ، ثم قضى ، وإن ذكر خارج الصلاة بدأ بها فإن خاف فوت وقت التي حضرت بدأ بها ثم قضى . ( قال  المزني      ) : قال أصحابنا يقول  الشافعي      : التطوع وجهان ، أحدهما : صلاة جماعة موكدة لا أجيز تركها لمن قدر عليها ، وهي صلاة العيدين ، وكسوف الشمس والقمر ، والاستسقاء ، وصلاة منفرد ، وصلاة بعضها أوكد من بعض ، فأوكد ذلك الوتر ، ويشبه أن يكون صلاة التهجد ، ثم ركعتا الفجر ، ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل ، وقالوا : إن  فاته الوتر حتى تقام الصبح   لم يقض ، وإن  فاتته ركعتا الفجر حتى تقام الظهر   لم يقض ، ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما ، وإن لم أوجبهما . ( وقال ) : إن فاته الوتر لم يقض ، وإن فاته ركعتا الفجر حتى تقام صلاة الظهر لم يقض ، وقالوا : فأما صلاة فريضة ، أو جنازة ، أو مأمور بها مؤكدة ، وإن لم تكن فرضا ، أو كان يصليها فأغفلها ، فليصل في الأوقات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :  من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها  وبأنه عليه السلام رأى  قيسا   يصلي بعد الصبح ، فقال : "  ما هاتان الركعتان ؟ فقال : ركعتا الفجر . فلم ينكره  ، وبأنه صلى ركعتين بعد العصر ، فسألته عنهما   أم سلمة  ، فقال :  هما ركعتان كنت أصليهما ، فشغلني عنهما الوفد  وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :  أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل  وأحب فضل الدوام . ( قال  المزني      ) : يقال لهم فإذا سويتم في القضاء بين التطوع الذي ليس بأوكد وبين الفرض لدوام التطوع الذي ليس بأوكد ، فلم أبيتم  قضاء الوتر   الذي هو أوكد ، ثم ركعتي الفجر اللتين تليان في التأكيد اللتين هما أوكد ؟ أفتقضون الذي ليس بأوكد ، ولا تقضون الذي هو أوكد ؟ وهذا من القول غير مشكل ، وبالله التوفيق ، ومن احتجاجكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضاء التطوع : "  من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها     " فقد خالفتم ما احتججتم      [ ص: 277 ] به في هذا ، فإن قالوا فيكون القضاء على القرب لا على البعد ، قيل لهم لو كان كذلك لكان ينبغي على معنى ما قلتم أن لا يقضي ركعتي الفجر نصف النهار لبعد قضائهما من طلوع الفجر ، وأنتم تقولون يقضي ما لم يصل الظهر ، وهذا متباعد وكان ينبغي أن تقولوا : إن صلى الصبح عند الفجر أن له أن يقضي الوتر : لأن وقتها إلى الفجر أقرب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر  فهذا قريب من الوقت وأنتم لا تقولونه وفي ذلك إبطال ما اعتللتم به " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح .  
وقد مضت هذه المسألة ، وذكرنا اختلاف الفقهاء فيها ، وأن مذهبنا أن  ترتيب الفوائت من الصلوات غير واجب في القضاء   ، وأن من ذكر صلاة فائتة وهو في فرض وقته ، فجائز أن يمضي في صلاته ويقضي ما فاته ، ودللنا على جميعه بما ليس لنا حاجة إلى إعادته وبالله التوفيق .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					