مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : "  ومن كان منهم سكران لم يحلف حتى يصحو      . ( قال  المزني      ) : هذا يدل على إبطال  طلاق السكران   الذي لا يعقل ولا يميز " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح . إذا توجهت اليمين على سكران لم يحلف في حال سكره حتى يصحو ، لأمرين :  
أحدهما : أنه ربما اشتبه عليه بالسكر ما لا يستحقه .  
والثاني : أن اليمين موضوعة للزجر ، والسكران يقدم في سكره على ما يمتنع منه عند إفاقته .  
 [ ص: 60 ] واختلف أصحابنا في هذا الامتناع من استحلافه ، هل هو مستحب أو واجب ؟ على وجهين :  
أحدهما : أنه مستحب ، فإن أحلف في حال سكره أجزأ : لأننا نجري عليه في السكر أحكام المفيق .  
والوجه الثاني : أنه واجب ، وأن الاستحلاف في حال سكره لم يجزه ، لما قدمنا من وضع اليمين للزجر ، وسكره يصد عن الانزجار .  
وأما  المزني   فإنه جعل منع  الشافعي   من استحلافه في السكر دليلا على أن طلاق السكران لا يقع ، فيلزمه حكم  الشافعي   بوقوع طلاقه وصحة ظهاره وثبوت ردته ، ومنع من إحلافه واستتابته من ردته حتى يفيق ، فاختلف أصحابنا في ذلك على وجهين :  
أحدهما : أنه يجري عليه في جميعها أحكام الصاحي فيما له وفيما عليه مما ضره أو نفعه ، وهو الظاهر من قول  أبي إسحاق المروزي   ، ويحمل منعه من إحلافه واستتابته على الاستحباب دون الوجوب ، وأنه إن حلف وتاب صحت أيمانه وتوبته كالمفيق . فعلى هذا : لا دليل  للمزني   فيه .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي علي بن أبي هريرة      : أنه يجري عليه أحكام الصاحي فيما عليه مما يضره ، ولا يجري عليه أحكام الصاحي فيما له مما ينفعه : لأن السكر معصية توجب التغليظ ، فاختص بلزوم أغلظ الحكمين وسقوط أخفهما . فعلى هذا : لا دليل  للمزني   فيه : لأن وقوع الطلاق تغليظ ، وصحة الأيمان تخفيف . والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					