فصل :  
فإذا ثبت رد شهادتهم بالجرح فهم ضربان :  
أحدهما : أن يكونوا عند الشهادة بوصف من يتحمل الدية : لوجود شرطين : قرب النسب ، ووجود الغنى ، فهؤلاء هم المردود شهادتهم بالجرح .  
والضرب الثاني : أن يكونوا عند الشهادة بوصف من لا يتحمل الدية ، وهم صنفان :  
أحدهما : من لا يتحملها لفقر .  
والثاني : من لا يتحملها لبعد نسبه ووجود من هو أقرب نسبا . فإن كان ممن لا يتحملها لفقره .  
قال  الشافعي      : لم تقبل شهادته بالجرح . وإن كان ممن لا يتحملها لبعد نسبه ووجود من هو أقرب منه . قال  الشافعي      : قبلت شهادته بالجرح . فاختلف أصحابنا في اختلاف نصه فيها على وجهين :      [ ص: 86 ] أحدهما : وهو قول  المزني   وطائفة من متقدمي أصحابنا : أن حملوا ذلك فيهما على اختلاف قولين :  
أحدهما : أنه لا تقبل شهادة من لا يتحملها لقرب نسبه ، وتقبل شهادة من لا يتحملها لبعد نسبه على ما نص عليه في بعد النسب : لأنهما جميعا عند شهادتهما بوصف من لا يتحمل العقل ، فلم يتوجه إليهما عند الشهادة بالجرح تهمة يجران بها نفعا ، أو يدفعان بها ضررا . والقول الثاني : أنه لا تقبل شهادة من لا يتحملها لبعد نسبه ولفقره ، ولا شهادة من لا يتحملها لبعد نسبه : لأنهما قد يجوز أن يصيرا عند الحول ممن يتحملها لاستغناء الفقير وموت من هو أقرب من ذي النسب البعيد ، فيصيرا دافعين عن أنفسهما تحمل العقل بشهادتهما فهذا أحد الوجهين .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي إسحاق المروزي   ،  وأبي علي بن أبي هريرة   وكثير من متأخري أصحابنا : أنه ليس ذلك على اختلاف قولين . والجواب على ظاهره في الموضعين : فلا تقبل شهادة من لا يتحملها لفقره ، وتقبل شهادة من لا يتحملها لبعد نسبه على ظاهر نصه . والفرق بينهما أن الفقير معدود من العاقلة في الحال ، لقرب نسبه ، وإن جاز أن لا يتحمل العقل عند الحول لبقاء فقره . والبعيد النسب غير معدود من العاقلة في الحال ، وإن جاز أن يتحمل العقل عند الحول ، وبموت من هو أقرب فافترق معناهما فكذلك ما افترقا في الشهادة ، وجمع  المزني   بين معناهما ؛ ولذلك ما جمع بينهما في الشهادة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					