فصل :  
فإذا ثبت ما وصفنا ، من أن  الثمانين في الخمر حد وتعزير   ، فلا يجوز أن ينقص من الأربعين ولا يجوز أن يزيد على الثمانين . ويجوز أن يقتصر على الأربعين . وهو بما زاد عليها إلى الثمانين موقوف على اجتهاد الإمام . فإن رآه عمل به وإن لم يره كف عنه .  
فأما  صفة حده      : فقد  روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حده بالثياب والنعال ، وأمر بتبكيته      [ ص: 415 ] وحثو التراب عليه     . وروي عن الصحابة : أنهم حدوه بالسياط . فاختلف أصحابنا في حد النبي صلى الله عليه وسلم بالثياب والنعال ، هل كان بعذر أو شرع ؟ على وجهين :  
أحدهما : وهو قول  أبي العباس بن سريج   ،  وأبي إسحاق المروزي   أنه كان لعذر في الشارب من مرض ، أو لأنه كان نضوا ، كما حد مقعدا بأثكال النخل . فعلى هذا : يكون حد الصحابة بالسياط نصا في غير المعذور : لأنه جنس ما يستوفى به الحدود ، فيحد بالسياط . ويكون حد الخمر مخففا من وجه واحد : وهو مقدار العدد دون صفة الحد .  
والوجه الثاني : وهو قول الجمهور أن  حده بالثياب والنعال كان شرعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم   خفف به حد الخمر كما خففه في العدد . فعلى هذا : يكون عدول الصحابة عنه إلى السياط عن اجتهاد منهم فيه ، حين تهافتوا في الخمر ، واستهانوا بحده ، كما اجتهدوا في زيادة العدد إلى الثمانين . ويكون حد الخمر مخففا من وجهين :  
في مقدار العدد ، وصفة الحد ، ويكون العدول إلى السياط اجتهادا . كما كانت الزيادة إلى الثمانين اجتهادا . فأما التبكيت وحثو التراب ، فزيادة في التعزير وليس بشرط في الحد ، وهو موقوف على اجتهاد الإمام في فعله وتركه ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					