فصل :  
فأما  أولاد المرتدين   فمن كان منهم بالغا وقت الردة ، لم يصر مرتدا بردة أبيه ، كما لا يصير مسلما بإسلامه ، ومن كان منهم غير بالغ نظر ، في أمه فإن كانت مسلمة كان الولد مسلما : لإجراء حكم الإسلام عليه بإسلام أحد أبويه : لقول النبي صلى الله عليه وسلم :  الإسلام يعلو ولا يعلى  وإن كانت أمه مرتدة كأبيه جرى على الولد حكم الردة : لأن غير البالغ ملحق بأبويه في الإسلام والكفر .  
فأما استرقاقه فإن ولد في حال إسلامهما أو إسلام أحدهما لم يجز أن يسترق ، كما لم يجز استرقاق أبويه : لما ثبت لهما من حرمة الإسلام المتقدم . وإن ولد بعد ردتهما ، ففي جواز استرقاقه قولان :  
أحدهما : يجوز استرقاقه : لأنه كافر وولده كافر كالحربي .  
والقول الثاني : لا يجوز استرقاقه : لأن الولد تبع لأبويه ، ولا يجوز استرقاقهما ، فلم يجز استرقاقه ، ولا فرق في القولين بين ولادته في دار الإسلام ودار الحرب .  
وقال أبو حنيفة : يجوز استرقاقه إذا ولد في دار الحرب ، ولا يجوز استرقاقه إذا      [ ص: 445 ] ولد في دار الإسلام : لأن حكم الدار جار على أهلها : لقول النبي صلى الله عليه وسلم :  منعت دار الإسلام ما فيها ، وأباحت دار الشرك ما فيها     . ودليلنا : هو أن الدار لا تبيح محظورا ولا تحظر مباحا : لأن مسلما لو دخل دار الحرب لم يستبح استرقاقه وقتله ، ولو دخل حربي دار الإسلام لم يحرم استرقاقه وقتله ، فنقول : كل من جاز استرقاقه في دار الحرب جاز استرقاقه في دار الإسلام كالحربي ، وكل من حرم استرقاقه في دار الإسلام حرم استرقاقه في دار الحرب كالمسلم ، فيدل القياس الأول على جواز استرقاقه في الدارين ، ويدل القياس الثاني على المنع من استرقاقه في الدارين ، وبطل بهما فرقة بين الدارين .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					