فصل : [ غزوة بني قريظة ]  
ثم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بني قريظة      : لنقضهم العهد الذي بينه وبينهم ، وطاعتهم  لأبي سفيان      : ذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عاد من  الخندق   بعد انهزام الأحزاب نزل عليه الوحي حين دخل منزل  عائشة  ، يؤمر بالمسير إلى  بني قريظة   ، فدفع لواءه إلى  علي بن أبي طالب   ، ونادى في الناس : لا يصلين أحد الظهر إلا في  بني قريظة   ، وكان يوم الأربعاء الثالث والعشرين من ذي القعدة الذي انهزمت فيه الأحزاب فتخوف قوم فوات الصلاة فصلوا ، وقال قوم : لا نصلي إلا حيث أمرنا وإن فات الوقت ، فما عنف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدا من الفريقين ، واستخلف على  المدينة   ابن أم مكتوم   ، وسار إليهم وهو راكب على حمار ، وغزا والمسلمون معه ، وهم ثلاثة آلاف ، والخيل ست وثلاثون فرسا ، وحاصرهم في حصونهم أشد الحصار خمسة وعشرين يوما ، وكانوا سألوا إنفاذ  أبي لبابة بن عبد المنذر   إليهم ، فلما تقدم شاوروه في أثرهم ، فأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح ، ثم ندم فاسترجع ، وقال : حنث الله ورسوله ، فانصرف وارتبط في المسجد ، ولم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنزل الله توبته ، ثم نزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر  محمد بن مسلمة   فكتفوا ، وعزلوا عن النساء والذرية ، وغنم ما في حصونهم ، فوجد فيها ألفا وخمسمائة سيف ، وثلاثمائة درع وألفي رمح وألفا وخمسمائة ترس ، فخمس ، ووجد خمرا فأهريق ، ولم يخمس ووجد لهم مواشي كثيرة ، وبيعت الأمتعة فيمن يريد ، وقسمت الغنيمة بعد إخراج خمسها على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما ، للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهما واحدا ، وقسم السبي ، واصطفى منه  ريحانة بنت عمرو   لنفسه ، واجتمع  الأوس   إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه في  بني قريظة   لحلف كان بينهم ، فحكم فيهم  سعد بن معاذ   ، وكان به الجرح الذي رماه  ابن العرقة   ، فحكم  سعد   أن من جرت عليه المواسي قتل ، ومن لم يجر عليه المواسي استرق ، وتسبى ذراريهم ، وتغنم أموالهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  هذا حكم الله من فوق سبعة أرقعة  يعني : سبع سموات . وحكى  حميد   أن  معاذا   حكم أن يكون الديار  للمهاجرين   دون  الأنصار   ، فقالت  الأنصار      : إخواننا كنا معهم ، فقال : إني أحببت أن يستغنوا عنكم ، فلما حكم      [ ص: 44 ] سعد   بما حكم ، وكان قد رماه  ابن العرقة   في أكحله دعا أن لا يموت حتى يشفيه الله من  بني قريظة   ، فمر به بعد حكمه وهو مضطجع ، فأصابت الجرح بظلفها فما رقأ حتى مات ، وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى  المدينة   في يوم الخميس السابع من ذي الحجة ، ثم أمر بهم فأدخلوا  المدينة   ، وحفر لهم أخدودا في السوق ، وجلس عليه مع أصحابه ، وأحضروا إليه رسلا رسلا فضرب أعناقهم ، وكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة ، وسميت هذه السنة عام الخندق : لأنه أعظم ما كان فيها .  
وفي هذه السنة تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -   زينب بنت جحش  حين نزل عنها  زيد بن حارثة   ، ونزل فيها من القرآن ما نزل ، وكانت غزواته فيها خمسا .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					