مسألة : قال  الشافعي   ، رحمه الله تعالى : " وإن  أحدث في صلاة الجمعة فتقدم رجل بأمره أو بغير أمره وقد كان دخل مع الإمام قبل حدثه      : فإنه يصلي بهم ركعتين وإن لم يكن أدرك معه التكبيرة صلاها ظهرا : لأنه صار مبتدئا . ( قال  المزني      ) : قلت أنا : يشبه أن يكون هذا إذا كان إحرامه بعد حدث الإمام " .  
قال  الماوردي      : مقدمة هذه المسألة وأصلها : جواز  الاستخلاف في الصلاة   ، وصحة أدائها بإمامين قال  الشافعي      : في ذلك قولان :  
أحدهما : لا تجوز  الصلاة بإمامين   ، ولا أن يخطب إمام ويصلي غيره ، وبه قال في القديم ، ووجهه : ما  روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم بأصحابه ، ثم ذكر أنه جنب ، فانصرف واغتسل ، ورجع ورأسه يقطر ماء  ، ولم يستخلف ، ولأن المأمومين لو  أدركوا الركعة الثانية مع الإمام من صلاة الجمعة ثم سلم   لم يجز أن يستخلف عليهم من يتم بهم ، ولا جاز لهم أن يستخلفوا على أنفسهم إجماعا ، بل يتمون فرادى ، كذلك إذا خرج الإمام من خلالها ، وفي سائر الصلوات ، وتحريره قياسا أن يقال : لأنه إمام استخلف على مأموميه ، فوجب أن لا يصح ، أصله ما ذكرنا .  
والقول الثاني : يجوز الاستخلاف في الصلاة ، ويجوز أداؤها بإمامين ، وبه قال في الجديد ووجهه : ما روي  أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف  أبا بكر   رضي الله عنه ، في مرضه : ليصلي      [ ص: 421 ] بالناس ، فأحرم بهم ، ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج ، ووقف على يسار  أبي بكر   ، رضي الله عنه ، وصلى بالناس بقية صلاتهم  ، فصار  أبو بكر   ، رضي الله عنه ، مأموما بعد أن كان إماما .  
فدل على جواز الصلاة بإمامين ، ولأن الصلاة لا تصح إلا بإمام ومأموم ، ثم تقرر أن حكم الجماعة لا يتغير ببدل المأموم ، كذلك لا يتغير ببدل الإمام ، وتحريره قياسا أن يقال : لأنه شخص من شرط صحة الجماعة ، فجاز أن يتبدل في الصلاة كالمأموم ، فعلى هذا القول يجوز أن  يخطب إمام ويصلي غيره   إذا كان من شهد الخطبة أو عهد الواجب منها ، فأما إذا لم يشهد الخطبة فلا يجوز استخلافه فيها ، ومن أصحابنا من قال : يجوز  استخلاف من لم يشهد الخطبة   كما لو  أحدث الإمام في الصلاة   جاز أن يستخلف من أحرم قبل حدثه وإن لم يكن قد شهد الخطبة ، والأول أصح ، لأن الإمام لا يجوز أن يستخلف إلا من اتصل عمله بعمله ، كما لا يجوز أن يستخلف في الصلاة إلا من أحرم قبل حدثه ، ومن لم يشهد الخطبة لم يتصل عمله بعمله ، ولهذا المعنى جاز أن يستخلف المحدث في الصلاة من أحرم قبل حدثه وإن لم يكن قد شهد الخطبة : لاتصال العملين ، فكان فرقا بين الموضعين .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					