مسألة : قال  الشافعي   ، رحمه الله تعالى : " ومن طلع له الفجر فلا يسافر حتى يصليها " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال . فمن أراد إنشاء  السفر يوم الجمعة   فله أربعة أحوال : حالان يجوز له إنشاء السفر فيهما ، وحال لا يجوز له إنشاء السفر فيها ، وحال مختلف فيها . فأما الحالان في جواز السفر :  
فأحدهما : قبل طلوع الفجر ؛ لأنه ليس من اليوم . والثانية بعد صلاة الجمعة ليقضي الفرض ، فإذا بدأ بإنشاء السفر في هاتين الحالتين جاز .  
وأما الحال التي لا يجوز له إنشاء السفر فيها : فهي من وقت زوال الشمس إلى أن يفوت إدراك الجمعة ، لتعين فرضها ، وإمكان فعلها .  
 [ ص: 426 ] وأما الحال المختلف فيها : فهي من بعد طلوع الفجر إلى زوال الشمس ، ففي جواز إنشاء السفر فيه قولان :  
أحدهما : وهو قوله في القديم وبه قال من الصحابة ، رضي الله عنهم ،  عمر بن الخطاب   والزبير بن العوام ،   وأبو عبيدة بن الجراح   وأكثر التابعين والفقهاء يجوز أن يبتدئ فيه السفر ، لرواية  مقسم   عن  ابن عباس   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهز جيش  مؤتة   يوم الجمعة ، وأذن لهم في الخروج قبل الصلاة ، فتأخر عنهم  عبد الله بن رواحة   للصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الذي أخرك عنهم ؟ قال : صلاة الجمعة ، فقال صلى الله عليه وسلم : غزوة في سبيل الله ، عز وجل ، خير من الدنيا وما فيها ، فراح منطلقا     .  
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر يوم الجمعة .  وروي عن  عمر بن الخطاب   ، رضي الله عنه ، أنه رأى رجلا بهيئة السفر وهو يقول : لولا الجمعة لسافرت . فقال : اخرج ، فإن الجمعة لا تمنع من السفر .  
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد وبه قال من الصحابة  عائشة  وابن عمر   ، رضي الله عنهما ، ومن التابعين  سعيد بن المسيب      : لا يجوز له إنشاء السفر فيه حتى يصلي الجمعة : لأن هذا زمان قد يتعلق حكم السعي فيه لمن بعدت داره عن المسجد في المصر أو ما قاربه إذا كان لا يدرك الجمعة إلا بالسعي فيه ، فكان حكم هذا الزمان من طلوع الفجر إلى وقت الزوال كحكم ما بعد الزوال في وجوب السعي فيهما ، فوجب أن يستوي حكمهما في تحريم السفر فيهما والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					