[ ص: 157 ] باب  ما لا يحل أكله  
وما يجوز للمضطر من الميتة من غير كتاب   
مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى : ولا يحل  أكل زيت ماتت فيه فأرة      .  
قال  الماوردي      : وأصل هذا ما رواه  الشافعي   ، عن  سفيان   ، عن  الزهري   ، عن  عبيد الله بن عبد الله   ، عن  ابن عباس   ، عن  ميمونة  أن فأرة وقعت في سمن ، فماتت فيه ، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها ، فقال : ألقوها وما حولها وكلوه     . فكان هذا الحديث واردا في السمن إذا كان جامدا : لأن إلقاء ما حولها لا يصح إذا كان ذائبا .  
وروى  الزهري   ، عن  سعيد بن المسيب   ، عن  أبي هريرة   ، قال :  سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن  السمن تقع فيه الفأرة   ، فقال : إن كان جامدا ، فألقوها ، وما حولها ، وإن كان ذائبا فأريقوه     .  
وهذا الحديث وارد في الجامد والمائع ، والحديث الأول أثبت .  
فإذا ماتت فأرة أو غيرها من الحيوان في سمن أو غيره من دهن أو دبس أو لبن لم يخل حاله من أن يكون جامدا ، أو مائعا .  
فإن كان جامدا نجس بموت الفأرة ما حولها من السمن : لأنها نجاسة لاقت محلا رطبا ، فنجس بها كما ينجس الثوب الرطب إذا لاقى نجسا يابسا ، وكان ما جاوز ما حول الملاقي للفأرة طاهرا : لأن جموده يمنع من امتزاجه بالنجس .  
وإن كان السمن مائعا نجس جميعه قليلا كان أو كثيرا ، سواء تغير بالنجاسة ، أو لم يتغير ، بخلاف الماء الذي لا ينجس إذا بلغ قلتين ، ولم يتغير .  
وحكي عن  أبي ثور   ، أنه كالماء إذا بلغ قلتين لم ينجس ، حتى يتغير .  
وحكي عن  أبي حنيفة   أنه أجراه مجرى الماء ، وأنه إذا اتسع ، ولم يلتق طرفاه لم ينجس ، بناء على أصله في أن المائع كالماء في إزالة الأنجاس ، وهذا أصل قد خولف فيه ، وتقدم الكلام عليه ، ثم الدليل على المائع خصوصا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  وإن كان ذائبا فأريقوه     . فلما عم أمره بالإراقة دل على أنه لا مدخل له في الطهارة : لأنه لا يأمر باستهلاك الأموال في غير تحريم ، وقد نهى عن إضاعتها : ولأن طهارة الماء      [ ص: 158 ] أقوى ، لاختصاصه برفع الحدث ، فقويت طهارته على رفع النجس عنه ، وضعفت طهارة المائع عن دفع النجس عنه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					