[ ص: 271 ]    [ باب علم الحاكم بحال من قضى بشهادته ] .  
مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله : ( وإذا علم القاضي أنه قضى بشهادة عبدين أو مشركين أو غير عدلين من جرح بين ، أو أحدهما ، رد الحكم على نفسه ، ورده عليه غيره " .  
قال  الماوردي      : قد مضى القول في أن  شهادة العبد والكافر   غير مقبولة بما قدمناه من الدليل ، فإذا  ثبت حكم الحاكم بشهادة شاهدين في حد أو قصاص ، أو عتق ، أو طلاق ، أو ملك ، أو مال ، ثم بان له بعد نفوذ حكمه بهما ، أنهما عبدان أو أحدهما أو كافران أو أحدهما عبد والآخر كافر   ، فإن الحكم بشهادتهما مردود ، لأنه حكم بشهادة من لا يجوز له الحكم بها ، فصار كحكمه بها مع علمه وجرى مجرى من حكم بالاجتهاد ثم بان له مخالفة النص ، كان حكمه مردودا قبل الحكم وبعده .  
فإن قيل : فقد اختلف في شهادة العبد ، فأجازها  شريح   ،  والنخعي   ،  وداود   ، وأجاز  أبو حنيفة   شهادة الكافر في موضع ، والاختلاف فيها دليل على جواز الاجتهاد فيها ، ولا يجوز أن ينقض بالاجتهاد حكما نفذ بالاجتهاد .  
قيل : قد اختلف  فيما ردت به شهادة العبد   على ثلاثة مذاهب :  
أحدها : بظاهر نص لم يدفعه دليل ، فصار كالدليل ، وهو قوله تعالى :  ممن ترضون من الشهداء      [ البقرة : 283 ] . وليس العبد ممن يرضى .  
فعلى هذا يكون الحكم بشهادته مخالفا للنص ، فكان مردودا .  
والثاني : أنها مردودة بقياس على الشواهد غير محتمل ، انعقد عليه إجماع المتأخرين بعد شذوذ الخلاف من المتقدمين ، فصار مردودا بإجماع انعقد على قياس جلي .  
والثالث : أنها ردت باجتهاد ظاهر الشواهد ، فلم يجز أن ينقض باجتهاد خفي الشواهد ، لأن الأقوى أمضى من الأضعف ، وإنما يتعارضان إذا تساويا في القوة والضعف ، على أن الاجتهاد لم يكن في الحكم بشهادته ، وإنما حكم بها ، لأنه لم يعلم أنه عبد ثم علم بعبوديته قطعا ، فوجب أن يقضي بعلمه على ما اشتبه وأشكل .  
 [ ص: 272 ] فثبت أن  الحكم بشهادة العبد والكافر   مردود ، وقد وافق عليه  أبو حنيفة   ،  ومالك   ، وجمهور الفقهاء .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					